منذ 9 سنوات
العاصفة التي أسقطت بلدية القدس .. إليكسا الكبيرة !
حجم الخط
كتب قصي الحلايقة:
لا يزال التاريخ 12/12/2013 حاضرا ً أمامي كحلقة ٍ مُصوّرة لم يغب منها أي ُّ مشهد ... وكأيّ شتاء توقع الجميع وصول منخفض ٍ جوّي عميق، وقد ترافق حينها برياح باردة جدا ً من أصل ٍ قطبي، واشتد المنخفض بطريقة ٍ متسارعة، وتحوّل الى عاصفة ٍ قوية، وتشكلت عدة جبهات هوائية رافقها تساقط كثيف للثلوج.
الثلوج بدأت بالتساقط في ساعات متأخرة من يوم الأربعاء الموافق الحادي عشر من ديسمبر، واستيقظت الخليل على حلة بيضاء صباح الخميس الموافق 12/12/2013، وتواصل تساقط الثلوج حينها حتى وصلت سماكته 40 سم، وشاءت الأقدار أن تسرق الرياح جبهة الخميس المسائية لتنقلها الى شمال البلاد، حيث توقفت الهطولات تماما ً عن الخليل حتى ساعات عصر الجمعة، ولو أن الثلوج تواصلت بالتساقط لحدثت كارثة كبيرة، وعلى الرغم من ان التوقعات كانت تشير الى ان جبهة مساء الخميس ستكون من حصة الجنوب، إلا أن تغيرا ً هاما ً حدث، والحمد لله أنه حدث.
انتقلت الجبهة الهوائية الى شمال الضفة، واكتست نابلس واجزاء من جنين بالثلوج بحلة ناصعة، وتراكمت الثلوج في القدس وبيت لحم، وبشكل جيد في رام الله، وجاءت ساعات صباح الجمعة مشمسة في كثير من المناطق، حيث سادت حلة بيضاء فلسطين.
خرج الناس الى الطرقات ولعبوا في الثلج .. ونظر الوزراء من نوافذ بيوتهم واطمئنوا .. فالثلوج جميلة .. والعاصفة حتى اللحظة لم ترهق الطواقم العاملة، ولم تسجل خسائر ملحوظة، أما الراصد الجوي حينها فقد قال أن الثلوج الحقيقية لم تأتي .. ترقبوا، العاصفة تستعيد قوتها وستضرب المنطقة من جديد.
صور الأقمار الاصطناعية بعد ظهر الجمعة أظهرت تشكلا ً واضحا ً لجبهة هوائية عنيفة قبالة سواحل فلسطين ... هنا دقّ قلبي وتحدثت الى الاذاعات والى الفضائيات وأعدت التأكيد على توقعاتي .. متر من الثلوج قادم الى كثير من المناطق، استنفر الدفاع المدني، ولجان الحكم المحلي في البلديات، وتأهبت الاشغال العامة وتجهزوا جميعا ً، واصطفت كاسحات الثلوج الثلوج في الطرقات بكثرة، واستأجرت البلديات الصغيرة جارفات للثلوج، وحضرت بلدية القدس اطنان من الملح.
دقت غيوم السماء ابواب الجبال، وبدأت تُثلج من جديد، وما ان مرت عدة ساعات حتى سقطت بلديات الضفة، وعلق الناس في الوديان، وازدادت المناشدات عبر الاذاعات والى الجهات الرسمية، .. وسقطت بلدية القدس لاحقا ً، وانقطع التيار الكهربائي عن مئات آلاف المنازل في اسرائيل، وعاشت مناطق واسعة من الضفة وغزة دون كهرباء.
الخليل، المدينة الأكثر تأثرا ً بالعاصفة، متر و 20 سم في بعض المناطق فجر وصباح السبت 13/12/2013 .. يومها خرج د. ناصر اللحام وقال عبر معا ً " سقطت جميع البلديات، سقطت بلدية القدس، وصمدت بلدية الخليل "، حيث ان الكهرباء لم تنقطع عن المدينة طوال تاثير العاصفة، وكانت الشوارع العامة رغم كثافة الثلوج مفتوحة طوال الوقت، اما قرى الخليل التابعة للكهرباء القطرية القادمة من المستوطنات، فقد هبطت جميعها وعاشت اياما ً دون تيار.
الجمعة، ليلة العاصفة الكبيرة .. ما ان ارتفعت سماكة الثلوج حتى انهارت عشرات مصانع الحجر، ومستودعات البضائع والابقار، ومعارض السيارات ... حتى ان وزارة الاقتصاد اعلنت خسائر الخليل لوحدها بمبالغ تفوق 250 مليون دولار ..
إليكسا في نابلس، وفي رام الله ... في القدس وقرى بيت لحم كانت شديدة، حتى ان الثلوج بقيت 40 يوما ً حتى اختفت وذابت ... ووصلت الثلوج مناطق لم تصلها .. ولم تصلها مناطق اخرة قابعة في الشرق نظرا ً لحركة الجبهة الهوائية المحاذية للساحل من الجنوب الى الشمال.
الاسرائيليين حينها قدوا ثقتهم في الارصاد التي تتبع لهم، وقالت القناة العاشرة الاسرائيلية أن هواة طقس فلسطينيين توقعوا مترا ً من الثلوج .. في حين سقطت بلدية القدس وفشلت توقعات ارصاد اسرائيل ..
إليكسا التي جاءت في فصل الخريف قتلت موسم الشتاء، فقد هيبته ... لملم عواصفه ومنخفضاته وذهب الى لندن .. وتوقفت الامطار 60 يوما ً .. فقد رفعت السماء قبعتها للعاصفة التي ايقظت غيوم التسعينات، فقال كبار السن أن إليكسا أعادتهم الى ايامهم ... وأشرقت الشمس 60 يوما ً ..
إليكسا، عاصفة التسعينات في زمن الفيس بوك الحديث !