الأحد 29، سبتمبر 2024
33º
منذ 8 سنوات

تركيا على خط النهاية الفلسطينية

تركيا على خط النهاية الفلسطينية
حجم الخط
شبكة وتر-"بقلم : احمد جابر "الاتفاق التركي - الإسرائيلي على تهدئة نبرة العلاقات، وعلى إعادة صوت التفاوض إلى هدوئه، يتجاوز كلمة تطبيع العلاقات التي كدرتها حادثة السفينة التركية قبالة شاطئ غزة، فما من يوم كانت العلاقات التركية - الإسرائيلية غير طبيعية   أي مخالفة لمنطق الاتصال والتعاون التاريخي الذي قام بين الدولتين، هذا المنطق ظلَّ دافئاً حتى في اللحظات المنبرية التي أرادها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نذيراً بهبوب صقيع من جهة السياسة، أو بروداً من جهة الوصول إلى حاضنة المصالح المتبادلة الدافئة.   كانت المرحلة السابقة، ودائماً في ظل حزب العدالة والتنمية، مناسبة لاختبار آفاق دور لتركيا «الجديدة»، أما وسائل الدور وأدواته فتجمع بين اقتراح «صفر مشاكل» الذي أعلنه رئيس الوزراء السابق داوود أوغلو، وبين العثمانية التي حشد منظروها تبريرات ومسوغات تتيح طرحها، وتسمح بالتفاؤل بنجاحها.     حصيلة صفر مشاكل حصدت تركيا من حقلها ما يقارب الصفر السياسي، وحصيلة العثمانية تعثرت في الخارج، وارتدت حلل أبهة في الداخل، واتخذت لذاتها منطقاً إقصائياً يتوافق مع تاريخ استبداد عاشته تركيا مع سلطنتها العثمانية ومع «سلاطينها» العسكريين الذين هيمنوا على السياق التركي الوطني لعقود طويلة.     لقد أصابت تركيا الحالية جوانب من علمانيتها وهي تسعى إلى جوانب من «أسلمة» حياتها، وما أصيب بجراح في الداخل، لم تعوض عنه سياسات الانفتاح على الخارج، وفي المكانين كانت نسخة حكم الإسلاميين في تركيا، عاجزة عن أن تكون بديلاً مقنعاً عن النسخ الإسلامية التي يقدمها الإسلاميون العرب لبلادهم.       تحت راية الإخوان المسلمين، مدّت تركيا اليد لغزّة، أي لحركة حماس هناك، ولمناخ الإسلام السياسي الفلسطيني عموماً. اختيار فلسطين كميدان للكسب والدعاية، ينتمي إلى ذات المدرسة النظامية العربية التي وظفت فلسطين في كل معاركها السياسية والتنموية الفاشلة، وأقامت باسم القضية القومية، وفلسطين تحتل مركزها، أنظمة استبداد منعت كل نصرة لفلسطين.       الاستعارة ذاتها والنتائج ذاتها، وذات ردود الفعل من قبل الجمهور الشعبي العربي الواسع، الذي ما زال يصفق طويلاً لكل من يتفوه بكلمة ردع إسرائيل، أو الانتصار لشعب فلسطين.     في تقييم السياسة التركية - الفلسطينية، يمكن القول الآن إنها قامت على ركيزة شعبوية، وهي لم تتجاوز المدى الذي ذهب إليه الناشطون العرب والأمميون الذين أتى كل منهم، ووفق فهمه، للمشاركة في رفع الحصار عن قطاع غزة وتأمين بعض مقومات الدعم لأهله المنكوبين بذات السياسة الإخوانية. من ضمن سلة الشعبوية إياها، كانت بعض مواقف رجب طيب أردوغان الإعلامية، ورفضه لمصافحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.     لم تنل الدعم السياسي مطالب الشعب الفلسطيني التي يحمل لواءها مجموع الناطقين باسم السلطة الفلسطينية، وباسم منظمة التحرير الفلسطينية، فالضفة الغربية مقصية، والتصدي للاستيطان مستبعد، ومطلب الدولة الفلسطينية المستقلة لا يدق باب الذهن التركي، مثلما لا تدقه سياسة الحرص على وحدة الشعب الفلسطيني     التي ألحق بها الانقلاب الإخواني في غزة، خسارة سياسية فادحة. لنا أن نقول، إن الدعم التركي لغزة، لم يكن ذا هم فلسطيني عام، بل كان فئوياً، وفي الفئوية هذه، أو في تكرسيها على هيئة انفصال بين الضفة الغربية والقطاع، تكريس لانقسام سياسي وجغرافي في جسد الدولة المستقلة التي لا يكل الفلسطينيون عن المطالبة بها، بصفتها الحل التاريخي للمسألة الاستعمارية التي لا شبيه لها في أنحاء المعمورة.     اليوم، يعود الرئيس التركي إلى عادة العلاقة الطبيعية مع إسرائيل، وسيكون لعودته صدى ارتياح واسع ضمن المؤسسة العسكرية، وضمن أوساط سياسية عاشت طويلاً في أحضان هذه العلاقة، من خلال قنوات مباشرة متعددة، ومن خلال الانتماء إلى فضاء سياسي عام واحد، هو فضاء «المنظومة الأطلسية»، حيث تركيا عضو دائم، وحيث إسرائيل حليف مستدام يحرص الجمع الأطلسي على حمايته، وعلى رعاية تفوقه على سائر أقرانه الإقليميين.     وفق معاني كثيرة، رجعت السياسة التركية إلى بيت طاعة مصالحها، ولعل درس عودتها يكون مفيداً، لمن بقي من دول عربية، ولما بقي في هذه الدول من رؤى سياسية متزنة وعاقلة وهادئة، ولعل الدرس يفيد أيضاً، في فهم أن التنكر بالزيّ الديني لا يخفي حقيقة المصالح التي تخفي وجوه المتنكرين.     من جديد، أين بلادنا من سياسات القوى الإقليمية التي تطرح كل البلاد على طاولة التفاوض؟ وكيف نمنع خطر توزعنا بين السياسات الإقليمية الجائعة؟ أو كيف نحد من تداعيات هذا الخطر الذي بات واضحاً أنه مفهوم من قبل «الأصدقاء» العالميين، وأنه يحوز القبول والرضى أحياناً، من قبل أولئك الأصدقاء.     وصلت تركيا إلى محطة النهاية في سياستها الفلسطينية، عسى ألا تكون النهاية بداية تعاكس ما كان لتركيا من شعارية حيال القضية الفلسطينية.
عاجل
مسؤول إعلامي في جماعة الحوثي: صاروخ يمني وصل إلى إسرائيل بعد فشل محاولات اعتراضه
القناة 12: الدفاعات الجوية أخفقت في اعتراض صاروخ مصدره اليمن سقط في منطقة غير مأهولة قرب المطار وسط إسرائيل