السبت 28، سبتمبر 2024
19º
منذ 8 سنوات

سوء تفاهم

حجم الخط
شبكة وتر-"بقلم :محمد الاشهب  "أن تكون الأزمة بين الرباط وواشنطن عابرة، أو من قبيل الشجرة التي تحجب الغابة ليس مهماً. الأهم أن محور الصداقة والشراكة الاستراتيجية لم يعد خالياً من مؤاخذات متبادلة.   وكان الملك الراحل الحسن الثاني يصف العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة الأميركية بأنها أشبه بالعضوية في ناد يكتفي رواده بتبادل الرأي ورشف القهوة. بينما كان المعسكر الشرقي وقتذاك يقضم مناطق النفوذ والتوازنات.     تنفس العالم الصعداء بأفول الحرب الباردة. ثم لاحت في الأفق بوادر انعطاف نحو تحريك المواجع القديمة. واختار العاهل المغربي الملك محمد السادس ألا يقف في موقع المتفرجين، داعياً إلى تنويع شراكات بلاده في الانفتاح على روسيا والصين وعوالم ناهضة.         ما يرجح الاعتقاد بأن الخلافات الناشئة حول تقرير الخارجية الأميركية في موضوع حقوق الإنسان في المغرب، ليس أكثر من مظهر خارجي يخفي تباينات عميقة. فكان لا بد من اعتماد منهجية مصارحة تبدو صادمة من الوهلة الأولى.         بيد أن الوصاية التي تكيف مواقف الدول الكبرى، من منطلق تعاظم نفوذها الاقتصادي والسياسي والعسكري، لا تلغي أحقية الأطراف المتضررة من سلوكات سياسية في الجهر بما تعتبره حيفاً أو تجاوزاً، فالعلاقات بين الدول تستند إلى التقدير قبل التأثير، وإلى التفهم قبل التجهم.       وبالمقدار الذي كان على المغرب، وقد اختار الانضمام إلى نادي البلدان السائرة في بناء فضاء التداول السلمي على السلطة واحترام حقوق الإنسان، أن يمضي قدماً في تصحيح أي اختلالات تزيل الشوائب عن طريقه، بالمقدار الذي كان على الخارجية الأميركية أن تقر بالجهود المبذولة وتدفع في اتجاه أرحب، وتتوخى الدقة والموضوعية في التعاطي وحساسيات هكذه.     لكن المنظور الذي يطاول قيم الديموقراطية وقضايا الحرية والحقوق، لا يخلو من اختلافات في الرؤية والاجتهاد. وما يراه بعض الأطراف محض حريات شخصية في المعتقد والسلوك والرأي، لا يصدق عليه التوصيف نفسه عند دول أخرى.       ولا يعني طرح إشكالات بهذا المستوى سوى أن المفاهيم تتغاير. لذلك، حين يصر تقرير الخارجية الأميركية على انتقاد خلو الدستور المغربي مما يتيح للمواطنين حرية اختيار النظام السياسي، يصبح الأمر أقرب إلى نوع من التحريض، أقله أن الوثيقة الدستورية التي أشادت الإدارة الأميركية بملاءمتها وصدقيتها وتطورها، تنص على التزام ثوابت محددة ارتضاها المغاربة، كما ارتضت شعوب ودول أخرى قيماً تعتبر جوهرية ومستمرة لا تقبل الجدل والإساءة أو الترويج لما يناقضها.     لا يتوقف الجدل السياسي عن الطروحات التي تشمل أوضاع حقوق الإنسان، فهذه يمكن أن تتحول إلى سلاح من قبيل الحق الذي يراد به باطلاً، ولئن كانت أحكام القضاء سارية المفعول لا يرتقي إليها الشك في إطار منظومة فصل السلطة واستقلالية القضاء، فإن أحداً لا يملك شرعية الطعن في الأحكام، إلا وفق ما تسمح به المرجعية القانونية.     وعندما رغبت إدارات أميركية في التخلص من أعباء الانتقادات الحقوقية في الملفات المرتبطة بالإرهاب أقامت معسكر غوانتانامو، إلا أن ذلك لم يحررها من الشبهات. القضية أكبر من جدل حقوقي، عندما تتلون الصورة بمؤاخذات سياسية، تهم جر الآذان التي لا تريد أن تكون صاغية دائماً. والأزمة التي ترغب الرباط في أن تكون عارضة في علاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن، وبالتالي يتعين البحث في خلفيات سوء التفاهم الحاصل، بخاصة أنه لا يطاول المغرب وحده، بل ينسحب على دول صديقة للولايات المتحدة.       وإذا كان الأصدقاء في وسعهم أن يتقبلوا بعض اللوم أكثر من الخصوم، فلا أقل من أن يكون الطرف اللائم متسلحاً بقابلية مماثلة، يمكن أن تساعد في إزالة بواعث القلق.       الحوار وحده يكفل تضييق الفجوات، ولا أحد يعتقد في أن واشنطن بصدد الالتفات إلى أطرافها للاقتصاص منها، فثمة صداقات لا ينبغي أن تتأثر بالمزاج وضغوط اللوبيات، لأن العلاقات تقوم على أسس ثابتة ومستمرة، وإلا يصبح العالم في حال من الفوضى والاضطرابات لمجرد حدوث تغيير في المواقع، فالديموقراطية أيضاً مبنية على الاستمرارية والاعتبار.
     
عاجل
مسؤول إعلامي في جماعة الحوثي: صاروخ يمني وصل إلى إسرائيل بعد فشل محاولات اعتراضه
القناة 12: الدفاعات الجوية أخفقت في اعتراض صاروخ مصدره اليمن سقط في منطقة غير مأهولة قرب المطار وسط إسرائيل