منذ 8 سنوات
بقلم : الكاتب الاردني / عماد العمرات
أسباب ضعف السينما المصرية من وجهة نظر عربية
حجم الخط
لمصر روعة كونية مزجت الذوق بلطف الإحساس تتناغم كموسيقى أبداعية برزت بتنوع الفنون والآداب، تنافس العاشق في أعلى مراحل عشقه فتعلمه فن الحس في تصورات الذات، أية من آيات الله على الأرض أبهرت فلاسفة علم الطبيعية. وفلاسفة ما قبل هذا القرن وما بعد المائة والعشرين. ناهيك عن فلاسفة كل التاريخ، فلا تاريخ قبل مصر ولا تاريخ بعدها. حقيقة لا يمكن إنكارها إلا من الجاهل فقط فمن لم يقرأ مصر لم يقرأ شيء أبدا. والجاهل بنظري في هذا القرن المنهك هو من لا يقرأ.
عندما نقول مصر كأننا نقول كل شيء الحضارة العلم الثقافة الأدب الموسيقى الفن .. الخ ، كل شيء يتميز بالرقي والإبداع تتفوق فيه هذه الجمهورية عن سواها أو غيرها من الدول العربية واخص بالتحديد السينما المصرية عماد الثقافة العربية والتي كانت تمثل فيما مضى عالماً كاملاً من الرقي والجمال الأخلاقي المتسم بوحدة النص وأدب الكلمة المكتوبة والتي تسلط الضوء على قضية اجتماعية أو تمثل إرشاداً وتعديلاً سلوكي من شأنه حل لمشكلة ما أو رسم صورة إنسانية فنية ملونه بكل ألوان الجمال مما تسمو به الروح ويتجلى بمشاهدته الخاطر.
أظن أن الجميع أو الأغلبية العظمة ستتفق معي فيما سأقوله عن السينما المصرية في الوقت الحاضر وهو أن السينما المصرية مصابة بجرح في العمق يكسر كل مجاديفها الأخلاقية التي بالأصل قد قامت عليها، فيه عبارة عن شباك تذاكر لفساد الأخلاق لا أكثر فأكثر الأفلام التي أصبحت تعرض وللأسف على شاشتها لا تمثل سو عالم ضيق لا يتنفس إلا من خلال الكوميدية المبتذلة والمستهلكة إلى جانب غياب كبير في القصة أو تناولها لأي فكره.
لو عدنا إلى ما مضى قليلاً أفلام الثمانينات مثلاً اتسمت بكل معانيها الأدبية المكتوبة نصاً أخلاقي يحمل جوهر الكلمة المصرية ومنطقها وفلسفتها في التعامل والتأثير على متلقيها جانباً لمن يمثلها بمضمونها الكامل متقمصاً الدور ببراعة مما يعطيها رونقها. ثم أتت أفلام التسعينات والتي نثرت سحرها الأدبي الخالص في كل أرجاء الوطن العربي جاعلة السينما المصرية في رقي ومنبراً للفن في الوطن العربي حيث مثلت مفهوم الرواية الأدبية بكل معناها بأبرز نجومها العالقة أسمائهم في أذهن الجميع حتى الآن حيث اتسم الرقي في جميع منتجها السينمائي ، لتأتي من بعدها أفلام الألفيات والتي سطعت بنجوم شابة فتيه أكملت مسيرة الفن بلمسه سحرية من الكوميدية وذلك لحاجة الشعوب العربية آنذاك لأجواء ضاحكة أو استخدام الكوميدية الساخرة كوسيلة أو أسلوب أدبي مكتوب في إيصال الفكرة أو المشكلة وقد حفظت الكمرة والمشاهد وجوه هؤلاء النجوم وألفتهم.
ككاتب عربي متابع للسينما المصرية كنت اسمع فيما مضى لقد حصل الفلم المصري الفلاني على جائزة دولية وعربية وحصل الممثل الفلاني على جائزة كذا الدولية والمخرج فلان، والكاتب فلان . كنت اسمع لعروض السينما عالمياً وعربياً ومحلياً تجتاحها الأفلام المصرية بكل بسالة، شيء يشعرك بهية الفن والفنانين المصرين وجمال إبداعاتهم.
أما الآن وفي عام 2016 أقولها بكل صراحة السينما المصرية في وكسه وانكسار كبير ينهي كل ما صنعه أبطالها فيما مضى. تاريخ بأسرة وحضارة إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه سوف تندثر والى الأبد. واطن أنكم تعون ما أقوله أو ارمي إليه فالسينما المصرية تدنت سريعاً إلى المستوى الغير مطلوب نهائياً.
لست اقلل من شان السينما المصرية ولست هاجياً لها أنما هي وجه نظر عربية لا تمثل غيري أردت طرحها لعلها تحرك ساكناً في اخذ مفاهيم الفن وأهله وصناعة فمن ابرز اسبب ضعف السينما في مصر هذه الأيام
- ضعف الرواية السينمائية. أو بالأصح غيابها فمعظم الأفلام التي عرضت هذا العام على شاشة السينما لا تستند على رواية مكتوبة إنما هي فكره هابطة وسيناريو هزلي مكتوب من قبل كاتب يستهزأ بمشاعر المشاهد جاعلاً الرقص والاستعراض والكوميدية المبتذلة والتي تحوي كلمات بذيئة لا يتعاطاها الشعب المصري ولا بتداولها إطلاقاً جوها وأساساً للنص مما يعكس سلوكا غير حضاري عن الشعب المصري.
- شركات الإنتاج وتحويلها للسينما المصرية بوابة تجارية لا عالماً للفن بانتهازها لكثير من الحقوق الأخلاقية والتزاماتها الأدبية تجاه السينما ونجومها ومشاهديها، فالكثير من شركات الإنتاج في مصر – وهذا ما اطلعت عليه شخصياً - وللأسف أصبح لا هم لها سوا جمع الأموال وتكديسها على حساب نجومها المقيدين، مما ساعد على أن تكون السينما المصرية شباكا للتذاكر وجمع المال دون أي جديد
- كثرت الممثلين المصرين والنجوم الصاعدة غير الدارسة للسينما والمسرح والتي لا تألف وجوههم الكمرة ولا المشاهدين ولا تعرف أسماءهم قليلي الخبرة والحس الفني هدفهم الأساس الشهرة السريعة وجمع المال لا يقدرون أي قيمة للسينما أو معنى لها. السينما بالنسبة لهم باب من المال لا أكثر ومن اجله يفعلون أي شي مما يحط من كرامه وهيبة الفن.
- دخول الطرب الساخر والموسيقى الاستعراضية وأهل الغناء على مجال التمثيل فهذا فن وهذا فن كل واحد له أصوله وضوابطه الخاصة به لا يجوز الدمج إلا من فنان متكامل يعي قيمه الأدب والكلمة والسلوك وليس فنان استعراضي.
إضافة إلى المحطات التلفازية المادية التي اجتاحت كل معاني السينما واهبطت من مستواها والانترنت وسرقت الأفلام وغيرها مما نسمع من مشاكل الإنتاج والتوزيع والسيطرة على أسواق السينما وتحويلها تجارية بحته إلى جانب التوريث في السينما المصرية والسيطرة الأدبية على الكتاب في كتابة النصوص الهابطة.
هذا كله مكملات جعلت من الممثل والنجم المصر عبارة عن مهرج لا أكثر يظهر بصورة غير مرغوب فيها على شاشة السينما، إضافة لظهوره في الإعلانات عبر المحطات التي حطت من شأنه ودمرت من كيانه الفني الذي ستغرق سنيين حتى صنعه.
لا اعلم هل سيظل وضع السينما المصري على هذا الحال أم انه سيحاول استرجاع كيانه الفني المبعثر هنا وهناك ففي الثمانينات في أوروبا وأمركا صنعت السينما الغربية على حساب الكوميدية وذلك لحاجة المشاهد لذلك لكن ما أن لبثت حتى تحولت إلى القصص الواقعية وتجسيد حياة الحرب لكن ذلك لم يدم طويلاً فسرعان ما مل المشاهد ذلك لتصعد إلى الفن الاستعراضي وكان ذلك لمده قصيرة وبعدها إلى أفلام الرومانسية والعاطفة ضمن قصة روائية مكتوبة ومدروسة لتعود بعدها والى الآن في تجسيد الخيال وقد سيطر ذلك إلى الآن على عقل المشاهد وساعده على التطوير حيث دمجت الخيال الواقعي مع الخيال العلمي وهذا ما جعلها سيدة السينما.
السؤال الذي يطرح نفسه لما لا تنافس السينما المصرية ولو مره واحده وبفلم واحد السينما الغربية؟ هل هناك ضعف في الإنتاج لا أظن قد يكون غياب في القصة الخيالية المدروسة لكن هذا لا يجيب على السؤال إطلاقاً، هل هو الخوف من الفشل أيضاً إجابة غير مقنعه ما هو السبب الحقيقي؟ أظن لا احد منا يملك الإجابة سو تفسيرات قد تكون منطقية في بعضها وبعضها الأخر غير مقنعه .
أتمنى من ذوي الاختصاص والعلاقة الإجابة عن هذا السؤال فلكم يطوق الجميع من المشاهدين المصريين والعرب اجمع لرؤية ولو فلم واحد ينافس بفعل السينما الغربية. إلى هذه اللحظة لم نرى ذلك !
بقلم : الكاتب الاردني / عماد العمرات