الثلاثاء 26، نوفمبر 2024
منذ 9 سنوات

غداً سوف يتم اعتقالي .. مرّتين !!

حجم الخط
كتب عيسى ماجد رشماوي: غداً، في الصباح الباكر، سوف يتم اعتقالي، ليس لأنني سرقت أو آذيت فلاناً، فهذه الجُنح تنتهي عادةً بفنجانٍ صغيرٍ من القهوة، لا يهم كيف يُشرب، لكن المهم مع من يُشرب. سيتم اعتقالي لأني "قذفت" فلاناً بشتيمة على العلن، وهذا الفلان ليس قريبي او قريب صديقي، فهؤلاء أيضاً تنتهي شتيمتهم بذات فنجان القهوة أعلاه.. هذا الفلان سيّدي، وسيّد اقاربي وأصدقائي، وحتى أنه سيّد أعدائي، أو على الأقل هو وهم أسياد علي وعلى من ذكرت، فهو يمثلني أينما حل، ويتحدث باسمي وبتاريخي أينما نطق، ويستشهد بإيماني أينما صلّى. هذا الفلان، ليس كغيره، لا يهم أن يأبه بقانون الدولة، أو حتى بقانون الغاب، فهو -وعذراً- في منزلة الإله لدى القانون، فالقانون يضعه العامة، أو ممثليهم، وتحكمه الشريعة، أو دارسيها، ويطبقه العامة على بعضهم، أو بعضهم على العامة، وبما أن الشريعة لا يُغري دارسيها إلا المال، فالقانون يسري على الفقراء... وفقط عليهم. وبصفتي فقير، فهذا الفلان يستطيع أن يحبسني، أو يهينني، أو ينفيني، مع كامل حقي بالدفاع عن نفسي، باستخدام محامٍ، يريد المال الذي ليس معي، وبالتالي سيقترب أكثر لمن معه المال، ويعود ضمنياً وفي الخفاء لصف غريمي الذي حبسني، أو أهانني، أو نفاني. أما ماله، فليس مقدساً "كما هو"، إنما هو تِركة، والغريب أنها تركة أجدادي أنا وليس أجداده، فهم -رحمة الله عليهم- لو عرفوا أن هذا مصير تركتهم، لدفنوا أوراقها برفقتهم في القبور، بل وكتبوا فيها في حال نبشها هو: ليست لك بأي حال من الأحوال !! أما سلطانه، فهو عقيم جداً، ومع ذلك فهو قوي، عقيم لأنه زائل ولن يبذّر، وقوي لأنه -رغم عقمه- لا زال على رأس عمله، يعيّن ويطرد، يُبقي ويُرحّل، يأمر ويُطاع، الخ.. وبالنسبة لعبيده، فأنا ومع أنه لا زال يمثلني، فهو لا يستطيع أن يمثّل علي، فأنا كشفته وفهمت سلطانه، ولَم أعُد عبده، وأدركت أن هؤلاء العبيد لا يجوز تسميتهم عبيداً، فعبيد التاريخ كانوا يجبرون على العمل طوال اليوم دون مقابل، اما عبيد "فلان"، فهم فقط يصمتون طوال اليوم، ويتقاضون الكثير، فقط ليظلوا عبيداً، وهذا ما يحيرني، فهم لهم الخيار أن يتكلموا ويصبحوا احراراً، لكنهم لم ولن يفكروا بهذا الخيار قط. مأساتي ليست باعتقالي إثر شكوته، أو شكوى عبيده، مأساتي تكمن أنه يستطيع، ورغم اعتقالي "بالقانون"، أن يبقيني "دون القانون" في السجن، وأن يلفق لي تهماً "بالقانون" من شأنها أن تقنع رجال القانون أن تُبقيني سجيناً لدهور "دون القانون"... فالمعادلة كما تعلمتها لها طرفان، أيمن وأيسر، وبينهما علامة "يساوي"، وللأسف لست أنا أيا من الطرفين، ولا حتى الـ "يساوي"، فأنا "بالقانون" لست متهماً بشيء سوى أني نطقت الحقيقة، ولستُ المشتكي، ولن أكون يوماً في موقع "المساوي" بين الحقيقة والمشتكي، فهما ضِدّانِ إلى الأبد. لكنه تسبب باعتقالي، فقط من أجل هدفٍ واحدٍ، هو أن يسكتني، وأنضم إلى صف عبيده الصامتين، ولكني وحتى إن صمتّ بعد عِقابي، فلن احظى بثمن صمتي، كما يحظون، سأحظى فقط بعقابي إلى الأبد. وسيتم اعتقالي مرّتين، مرّة لأني لم أصمت، ومرّةً أخرى "أطول"، لأني دفعت غيري بأن يتكلّم، فأنا وغيري لا نريده، وحتّى أننا لا نريد سِواه بأن يأتي لموقعه ويغدو مثله، وهو "أقصد فلان" ومن وضعه لا يأبهون لي ولغيري، لأننا "سويةً" مجرّد شذوذٍ في منظومة سلطتهم، وورماً حميداً في جسم مملكته، يجتثّه دون "كيماوي" أو "أشعة"، بل بالمال، وما أُخذ بالمال.. لا يُسترد !! من الممكن أن يكون هذا الفلان قد خطر لك كقارئ، أو من الممكن أنك نسجت هذا الفلان من تجاربك الخاصة، وأصبحت تراه أمامك الآن وتعرّفت عليه، ومن الممكن جداً أنه "فلانك" أنت وليس "فُلاني"... أما "فُلاني" أنا فمؤخراً حبس وعاقب ونفى آخِرَ شخصٍ أعرفه قد تكلّم وخرج عن السيطرة، وكما فعل به، وبذات السلطة التي يتحكّم بها، يستطيع أن يحبسني ويعاقبني وينفيني أنا وأنــت، على الأقل ينفيني عن واقعي الذي أدركته، وعن نعيمي الذي من الممكن ان أعيشه بسكوتي، وحتّى إن فعل ذلك، فهو لن "ينفي" شيئاً واحداً، أنه "لا يستحق" ان يكون "فلاناً"، على الأقل في نظري...  
عاجل
القناة 12: الدفاعات الجوية أخفقت في اعتراض صاروخ مصدره اليمن سقط في منطقة غير مأهولة قرب المطار وسط إسرائيل