منذ 8 سنوات
قالوا وقلنا... في شأن تركيا!
حجم الخط
شبكة وتر-ًبقلم : أرشد هورموزلوً المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قام بها نفر ضال في تركيا اعتقد أنه سيقف أمام مسيرة الديموقراطية المتنامية في تركيا، شغلت الناس وملأت العالم.
أتابع الصحافة الغربية والعربية منذ ذلك اليوم، وما يلفت نظري أن كثراً من الموضوعيين تناولوا الأمر بجدية ومن جميع أطرافه، وبعضهم انتقد بعض التصرفات التي حدثت في صورة عشوائية بعد المحاولة المذكورة أو انتقد بعض تصرفات الحكومة في تناول تبعات الأزمة.
لكنّ أقلاماً أخرى حاولت بجهد كبير إخفاء فرحها المبطن بخبر المحاولة وخيبة أملها من فشلها، وإن كان معظمها يبدأ بعبارة «إنني ضد الانقلابات العسكرية، ولكن...».
قالوا: أردوغان يستثمر الزخم الشعبي للانتقال الى النظام الرئاسي.
قلنا: إن الذي يحكم الانتقال الى النظام الرئاسي ليس الزخم الشعبي، ولكن تعديل الدستور في البرلمان.
قال صحافي مخضرم أقرأه يومياً: إن النظام في تركيا مستمر في قمع الأكراد!
قلنا: هل يمكن الحديث عن قمع العرب عندما يحاربون «داعش»؟ إذا كنت تقول إننا نحارب الإرهاببين، فقد وضعت بنفسك عنوان الموضوع. إلا إذا كان الصحافي المذكور يعتبر الوزراء الخمسة في حكومة بن علي يلدرم ومئات نواب البرلمان في مجلس الشعب التركي الذي يضم جميع الأحزاب السياسية المنضوية تحت قبته، «خونة» لأنهم لا يشاطرون أفكار حزب العمال الكردستاني الإرهابي.
قالوا: جميع المعارضين لحكومة العدالة والتنمية يتعرضون للملاحقة!
قلنا: إن جميع الأحزاب المعارضة قد اتفقت على بيان يدين الانقلاب وأيدت إجراءات محاسبة الانقلابيين.
قالوا: ثلث الجيش التركي قد تعرّض للاعتقال!
قلنا: إن تعداد الجيش التركي أكثر من ثمانمائة ألف، والمعتقلون يشكلون ما يزيد عن نسبة واحد في المئة بقليل.
قالوا: نحن نتفهم لماذا قام الأتراك بهذا الانقلاب!
قلنا: إذا كنتم تتحدثون عن الأتراك، فشاهدوا الجماهير الزاحفة الى ميادين المدن من كل أطياف الشعب متصدّين للانقلاب.
قالوا: إن الدولة تقوم بالانتقام، وإن رئيس الجمهورية قال إن الانقلاب هدية من الله لتطهير الجيش.
قلنا: إن رئيس الجمهورية لم يقل ذلك، وإنما قال إن الهدف تطهير الجيش من أي خونة أو انقلابيين.
قالوا: إن أردوغان شجّع على الانقلاب وإن العملية تمثيلية مفبركة!
قلنا: هل من أركان التمثيلية نزول قسم من القوات الخاصة لاغتياله كما ثبت من كل التحقيقات؟.
قالوا: إن النظام تغاضى عن خبر المحاولة الانقلابية ليقوم بتطبيق برنامجه الخاص بالسيطرة الكاملة على مقاليد الأمور!
قلنا: ألا ترون أنكم تهينون بهذا ذكرى مئات الشهداء وآلاف الجرحى الذين كان لهم دور كبير في إحباط محاولة الانقلاب.
قالوا: إن جموعاً نزلت الى الشارع دعماً لأحد الزعماء!
قلنا: إن الجماهير نزلت الى الشوارع دعماً للديموقراطية، وإن كانت تختلف في الرؤى مع هذا الزعيم.
قالوا: إن أردوغان مدد فترة الحجز الاحتياطي الى ثلاثين يوماً!
قلنا: إن الحكومة أقرت الأحوال الطارئة التي تتضمن إطالة أمد الحجز، وإن البرلمان بأكثرية ساحقة قد أقرّه.
قالوا: إن السياحة التركية تعرضت للشلل.
قلنا: إن السياح لم يروا سيارة عسكرية في الشوارع ولا نقطة تفتيش. وإن رئيس المنظمة العربية للسياحة ذكر في تصريحات علنية، أن السياحة في تركيا آمنة وأنه كان شخصياً في اسطنبول عندما حدث ما حدث ورأى بأم عينيه كيف رجعت الأمور الى نصابها في ساعات، وأنه لا قلق على أمن السائح العربي إطلاقاً.
قالوا: إن أفراد الجيش تعرضوا للإهانة بعيد الانقلاب ولاعتداءات جسدية.
قلنا: إن أموراً عشوائية حدثت انتقدها كثر، وقال رئيس الوزراء إن أي شخص قام بمثل هذه الفعلة سيقدم الى المحاكمة، فتركيا دولة قانون وتترك الأمور للقضاء المستقل.
الغريب أن «مفكراً» و»محللاً سياسياً» يكتب في الشأن التركي قال في مقاله الأخير في موقع إلكتروني شهير، أن هذه هي الولاية الثانية والأخيرة للرئيس أردوغان كرئيس لوزراء تركيا. نقول له إن أردوغان هو رئيس للجمهورية، وأن رئيس الوزراء حالياً اسمه بن علي يلدرم ويا ليته يبحث في محركات البحث قبل أن يدبج هذه المقالات.
اتصل بي صديق قديم قائلاً: ألا تنتقدون الحكومة وأفعالها أبداً؟
قلت: إننا ننتقد الحكومة أو أية جهة رسمية عندما تخطئ أو عندما يحدث إهمال ما، لكننا ننتقد للإصلاح وليس للهدم.
أنهي هذا الحديث بمقولة صحافي وباحث غربي في جريدة «الإندبندنت» البريطانية، قال فيه إن الانقلاب الفاشل سيتبعه انقلاب ناجح. أقول إنني أحيله الى الفقرات الأولى من هذا المقال.
المصدر:
الحياة