الجمعة 29، نوفمبر 2024
منذ 8 سنوات

«هيروشيما حبيبتي»

«هيروشيما حبيبتي»
حجم الخط
شبكة وتر-"بقلم : مصطفى زين "تقول بطلة فيلم «هيروشيما حبيبتي» (عن رواية مارغريت دورا) وإخراج الفرنسي آلان رينيه: «علينا أن نتعلم كيف ننظر وكيف نتذكر». وتؤكد لحبيبها الياباني أنها رأت كل المأساة التي ما زالت حتى اليوم رمز الوحشية الأميركية المستمرة في التناسخ جيلاً بعد جيل، وإدارة بعد إدارة.     صحيح أن واشنطن لم تستخدم القنبلة النووية، بعد هيروشيما وناكازاكي، ولكنها أبادت من الشعوب أعداداً تفوق ما أبادته في المدينتين اليابانيتين ملايين المرات.   من الحرب الكورية في الخمسينات إلى حرب فيتنام إلى أفغانستان ثم العراق وليبيا (لم يعلن عدد القتلى في هذا البلد حتى اليوم)، عدا عن الحروب بالوكالة التي تنفذ بأسلحتها وأموالها أو عبر «القيادة من الخلف»، خصوصاً في الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية وأفريقيا (الحروب الإسرائيلية المتكررة مثالاً).     وقد يحمل المقبل من الأيام المزيد من المآسي ترتكبها من أجل «حماية» مصالحها، فالحرب الباردة تجددت والشعوب موعودة بالمزيد من الصراعات، بعضها مشتعل وبعضها الآخر يحضر له المختصون والمحللون والإعلام ومصانع الأسلحة وتجارها.     في معنى آخر لم تتعلم أميركا «كيف تنظر ولا كيف تتذكر». أعطت ذاكرتها استراحة طويلة، أو هي مصابة بالألزهايمر. ها هو كيري يمتنع عن الإعتذار إلى الشعب الياباني عن حرق هيروشيما قبل 70 عاماً. لم ينحن ليضع إكليل الزهور أمام نصب لضحايا المحرقة.   لكنه تألم كثيراً، على ما قال. والتألم حالة فردية لا تلزم إلا الشخص. أما الإعتذار، خصوصاً من مسؤول، فيكون باسم الشعب الذي يمثل، أو نيابة عنه. السيد وزير الخارجية لم يأخذ إذناً من الشعب. ولا من الإدارة أو الكونغرس ليقدم على هذه الخطوة.   يكفي أنه زار مكان الجريمة المروعة. والزيارة لم تكن مقصودة بحد ذاتها، ولا الوقوف أمام النصب التذكاري كان في برنامجه. المناسبة كانت اجتماع وزراء الدول الصناعية السبع، تمهيداً لقمة ستعقد الشهر المقبل. وليس متوقعاً أن يعتذر الرئيس أوباما. وإن فعل فكي يدخل التاريخ كرجل سلام ويضيف مأثرة إلى سجله الشخصي مثلما فعل عندما زار كوبا.     اختتم اجتماع السبعة الكبار بـ «إعلان هيروشيما» الداعي إلى «عالم أكثر أمناً، خالياً من السلاح النووي». وبتعليق لكيري جاء فيه: «على العالم كله أن يرى ويشعر برهبة هذا النصب التذكاري».   لكن الجحيم الذي صب على المدينة عام 1945، على ما قال المخرج رينيه، ما زال مشتعلاً في انتظار أن يمحو مدن أخرى في اللحظة المناسبة. كتبت دورا «هيروشيما حبيبتي» عن مأساة هذه المدينة اليابانية وعن الحب، وطرحت تساؤلات عما نعرف ونتذكر ونتعلم، وأصرت على أننا، وإن رأينا كل شيء لا نحب أن نتذكر.   أليس هذا ما يحصل اليوم في سورية والعراق وغيرهما؟ ألا نرى كل شيء ولا نراه في الوقت ذاته؟ ألا نجلس أمام التلفزيون نتناول عشاءنا ونحن نشاهد المآسي ونعد القتلى ونتأسف للدمار ثم ندفن كل ذلك في الذاكرة العميقة؟     كيري وقف أمام نصب ضحايا هيروشيما ثم نسي، وعاد إلى واشنطن ليخطط لحروب ومآسٍ جديدة. لكنه يتألم.
عاجل
القناة 12: الدفاعات الجوية أخفقت في اعتراض صاروخ مصدره اليمن سقط في منطقة غير مأهولة قرب المطار وسط إسرائيل