المقاطعة الدولية للاحتلال الاسرائيلي
شبكة وتر-
بقلم: ماجد توبة
وسط كل ما يشيعه الانحياز الأميركي الأعمى لكيان الاحتلال الإسرائيلي ضد حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، من قهر وإحباط، تضيء حركة المقاطعة الدولية المتصاعدة للاحتلال ومستعمراته ومؤسساته الأكاديمية حول العالم الأمل أمام الشعب الفلسطيني بوجود مناصرين كثر لحقوقه، يتخذون اجراءات ملموسة على الأرض تدعم الحقوق الفلسطينية وتعزل أكثر الاحتلال ومناصريه الدوليين.
رغم أن الشعب الفلسطيني لا يملك أسلحة وجيوشا بمواجهة ترسانة الاحتلال العسكرية والاقتصادية، والتي يعززها التماهي الأميركي والدعم اللامحدود سياسيا وعسكريا واقتصاديا من قبل اكبر قوة على الأرض، فإن هذا الشعب المحتل والمشرد في كل بقاع الأرض يملك أسلحة الإرادة بالدفاع عن حقوقه والاستعداد للبذل والتضحية في سبيلها مهما تكالبت الأخطار والتحديات، كما يمتلك شرعية الحق والتاريخ والقانون الدولي والانساني، ما ينعكس اليوم بالمزيد من العزلة للموقف الاسرائيلي والموقف الاميركي المنحاز بيمينيته وصلافته للاحتلال.
الأربعاء الماضي أصدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقريرا مهما ومفصلا، يُدين الانتهاكات الإسرائيليّة، ويجمع قائمة بالشركات المتورطة العاملة في المستعمرات غير الشرعيّة بالضفة الغربية المحتلة.
ورغم أن التقرير الذي تحدث عن أكثر من 200 شركة ومؤسسة دولية تنتهك القانون الدولي بعملها في انشطة بالمستوطنات الاسرائيلية لم يذكر أسماء تلك الشركات، جراء ضغوط أميركية كما جاء في بعض التسريبات، فإن مجرد صدوره بتفاصيله وبما يشكله من قاعدة بيانات مهمة تصدر عن الامم المتحدة يعد أمرا إيجابيا ويسند قضية الشعب الفلسطيني ويدعم جهود الحركات الدولية لمقاطعة اسرائيل باتجاه المزيد من عزلها وتعريتها.
في هذا السياق، تبدو جهود وانشطة حركة المقاطعة العالمية لاسرائيل وسحب الاستثمارات منها، التي تتسع بجهود نشطاء ومنظمات مدنية في العديد من دول العالم بما فيها الاوروبية، منتجة وداعمة للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني بأكثر مما تقدمه جامعة الدول العربية وأغلب الحكومات العربية، ما يستدعي من المؤسسات الشعبية الفلسطينية والعربية العمل على المزيد من التشبيك مع هذه الحركة العالمية وتنسيق الجهود والانشطة معها، لتعزيز جبهة المحاصرة والعزل للمواقف الصهيونية.
الرهان على نجاح وتعاظم دور وانجازات حركة المقاطعة الدولية للاحتلال الاسرائيلي يتطلب أول ما يتطلب مواقف فلسطينية صلبة وواعية، رسميا وشعبيا، وتحمل بعض التضحيات التي لم يبخل بها الشعب الفلسطيني يوما. فالمطلوب، والذي يبدو أن منظمة التحرير الفلسطينية والقيادة الفلسطينية قد التقطتاه، هو عدم الرضوخ للابتزاز والضغوط الأميركية الكبيرة للحصول على الشرعية الفلسطينية للخطوات غير القانونية والعدائية لإدارة ترامب تجاه القدس وخطة التسوية التي تروج لها ضمن ما أسمته صفقة القرن!
كل المواقف الدولية الايجابية سياسيا تجاه الحقوق الفلسطينية والتي ظهرت بوضوح في تصويت الامم المتحدة الاخير حول القرار الاميركي حول القدس، لا يمكن لها الاستمرار أو البناء عليها إذا لم تستند أساسا لمواقف فلسطينية صلبة وغير مهادنة برفض التنازل عن ما أقرته الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وهو موقف يجب ايضا ان يستكمل ويعزز بتوجه القيادة الفلسطينية الى التقديم بطلب عضوية دولة فلسطين بمختلف المؤسسات الدولية، والحرب بشراسة على هذه الجبهة المهمة. كما مطلوب عدم التردد والتأخير في اللجوء إلى مقاضاة الاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه الواسعة والمتشعبة ضد الشعب الفلسطيني أمام المحاكم الدولية.
المعركة على صعيد الرأي العام الدولي ومع المنظمات الاهلية والشعبية في الدول الغربية والاجنبية لا تقل اهمية للشعب الفلسطيني وحقوقه عن معركة المقاومة على الأرض، ولا عن المعركة السياسية والدبلوماسية لدى الحكومات والمؤسسات الأممية المختلفة، وفي هذه المعركة التي ميدانها الرأي العام الدولي فإن موازين القوى تميل لصالح الشعب الفلسطيني، صاحب الحق والارض.