هل توجب علينا أنسنة القضية ؟
شبكة وتر-كتبت إخلاص أبوزر - قبل حوالي أربع سنوات وعند عودتي من عملي كنت كعادتي أستمع لإذاعة اسرائيل – المحتلة للأراضي الفلسطينية - ، كانت تبث مقابلة لزوجة حاخام في إحدى المستوطنات قتله فلسطيني ، سألتها المذيعة : ما هو شعورك وقد قُتل زوجك على يد إرهابي فلسطيني ؟ وأنتم كما أعلم تجاورون الفلسطينين ألم تخافي على أبناءك من هؤلاء الإرهابيين ؟ فأجابتها الزوجة : أرجوكِ لا تنعتيهم بالإرهابين ، فنحن جيران منذ سنوات نأكل سوياً ، نتسوق سوياً ، وعندما يواجهون المشاكل يلجأون لنا ولكن هذا لا يعني أن الفلسطينين جميعهم إرهابيين ، هذا الشخص يجلب العار للفلسطينين .
اليوم وبعد أربع سنوات يتكرر المشهد مرة اخرى ، وأنا عائدة من عملي استمعت لإذاعة اسرائيل ، كان الحديث يدور عن المستوطنين اللذين قتلا قبل أيام على يد شاب فلسطيني ، المذيعة بدأت كلامها وقالت : المستوطنة التي قُتلت اليوم تركت وراءها طفلاً يبلغ من العمر سنة وثمانية أشهر ، هذا الطفل سيعيش حياته ويكبر ولن يجد والدته بجانبه في كل مراحل حياته ، ما ذنب هذا الطفل حتى يفقد والدته مبكراً ؟ أما عن المستوطن الثاني فقالت : رحل وترك لزوجته أربع أبناء ، ستتولى رعايتهم لوحدها ، كان الله في عونها وعونهم على فقدان والدهم .
أما نحن فقد تعودنا ان نتعامل مع ما يحدث بشكل يومي بشكل إخباري بحت دون التطرق لإنسايتنا الفلسطينية التي بدأنا نفقدها يوماً بعد يوم ، إعلامنا لم يتطرق لهنادي نعالوة وهي شقيقة الشاب أشرف نعالوة – المتهم بتنفيذ عملية الطعن في مستوطنة " بركان " والتي قتل فيها مستوطنين - والتي تم اعتقالها واقتيادها إلى جهة مجهولة تاركة خلفها ثلاثة أطفال ، لم نسمع صحفي أو صحفية يقول كيف حُرم هؤلاء الأطفال من أمهم ، من سيرعاهم ؟ من سيهتم بهم وبدروسهم ؟ من سيوقظهم إلى مدارسهم أو روضاتهم ؟ فقط كل ما نقلته إحدى الإذاعات المحلية وببرودة تامة اكتسبناها بفعل الوقت وتكرار المشاهد: تم اعتقال السيدة هنادي نعالوة تاركة خلفها ثلاثة اطفال .
في السياق نفسه ، قام الإحتلال باعتقال أسرة الأسيرة المحررة ياسمين أبو سرور من بيت لحم والتي لاحقاً أُفرج عن والدتها لتبقى وحيدة في منزل ماتت فيه الحياة باعتقال زوجها وأبنائها ، لم نجد من يؤنسن هذه القصة وسبقتها والدة الاسرى المحررين نوران ، احمد ومحمد البلبول ، في المقابل عندما أسرت حماس شاؤول أرون لم يبق هناك شخص على وجه الكرة الأرضية لم يتضامن معه ومع عائلته التي حُرمت من ابنها .
نحن بحاجة للعمل أكثر على خطابنا الموجه للعالم ، نحن بحاجة لأن نبتعد عن السب والشتم حتى لو كان العدو ، نحن بحاجة لأن تدرس جامعاتنا مادة علم النفس لطلاب كلية الإعلام لعلنا نتقن وتر الانسانية لنغرد عليه .