منذ 9 سنوات
أصوات في إسرائيل: حملة المقاطعة كرة ثلج في بداية تدحرجها
حجم الخط
شبكة وتر- : يحاول رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، استغلال حملة المقاطعة الدولية التي اشتدت مؤخرا، من أجل تحقيق مكاسب سياسية داخلية وخارجية، من خلال شعاره المكرور أن "العالم ضد اليهود ودولة اليهود"، في مسعى يهدف إلى جعل الرأي العام المحلي يلتف حوله فيما يتعلق بمطالبة المجتمع الدولي ألا يمارس ضغوطا عليه من أجل إعادة إحياء العملية السياسية الإسرائيلية – الفلسطينية.
وينفذ نتنياهو سياسته في مواجهة حملة المقاطعة الدولية من خلال تصريحات يومية يدلي بها هو ووزراؤه، وتدلي بها مجموعة من الخبراء الأكاديميين والمحللين السياسيين وأقطاب رأس المال في إسرائيل.
ويحاول هؤلاء، وفي مقدمتهم نتنياهو نفسه، تصوير حملة المقاطعة الدولية بأنها ناجمة عن العداء للسامية والعداء لإسرائيل، علما أن غايات هذه الحملة هي إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان ورفع الحصار عن قطاع غزة بالأساس، إلى جانب منح المساواة للمواطنين العرب في إسرائيل وعودة اللاجئين، أي التوصل إلى حل الصراع بموجب القرارات الدولية.
وتعترف وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن خطوات جرت مؤخرا ألحقت ضررا بصورة ومكانة إسرائيل في العالم.
وهذه الخطوات هي بالأساس الخطوة الفلسطينية في الاتحاد العالمي لكرة القدم (الفيفا)، وقرار اتحاد الطلاب الجامعيين في بريطانيا بمقاطعة إسرائيل، وتصريحات مدير عام شركة "أورانج" الفرنسية للاتصالات برغبته في فك ارتباطها مع شركة "بارتنر" الإسرائيلية التي تستخدم علامة "أورانج" التجارية. وأخيرا الكشف عن أن الصين ترفض أن يعمل عمال بناء من مواطنيها في المستوطنات.
واعتبر نتنياهو، لدى افتتاح اجتماع حكومته الأسبوع الماضي، أن هدف حملة المقاطعة هو "نفي الحق بوجود إسرائيل". وادعى أنه "ليس مهما ماذا نفعل، وإنما ماذا نشكل. فما الذي لم يقولوه عن الشعب اليهودي في التاريخ - أننا مصدر الشر في العالم، وأننا نشرب دماء الأطفال. ويقولون كل هذا عنا اليوم أيضا...".
وقال أيضاً لدى افتتاح اجتماع حكومته الأسبوعي أمس، إنه "من وجهة نظر الأطراف التي تقف وراء الحملة لفرض المقاطعة، فالمستوطنات في "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية) ليست لب الصراع وإنما لبه هو استيطاننا في كل من تل أبيب وبئر السبع وحيفا وبالطبع القدس".
ورغم تأكيد المجتمع الدولي، وفي مقدمته الولايات المتحدة والرئيس باراك أوباما شخصيا، أن نتنياهو أوصل المفاوضات إلى طريق مسدود، إلا أن نتنياهو كرر الادعاء أمس، أنه "بينما ندعو إلى استئناف المفاوضات السياسية، يعمل الفلسطينيون على دفع خطوات ضدنا في الأمم المتحدة وفي المحكمة الدولية في لاهاي".
وسعى نتنياهو إلى استغلال المقاطعة من أجل الدعوة إلى تشكيل حكومة وحدة، بواسطة انضمام قائمة "المعسكر الصهيوني" إلى حكومته، بعد أن شكل حكومة يمين متطرف ضيقة، ومطالبة أكبر شريك فيها، هو رئيس حزب "كولانو"، موشيه كحلون، بضرورة توسيعها.
وقال نتنياهو إنه "إزاء محاولات المس بإسرائيل من خلال الأكاذيب والتهم الكاذبة والمقاطعات، علينا أن نقف، أحزاب يمينية ويسارية على حد سواء، صفًا واحدًا، من أجل التصدي للضغوطات وكشف الأكاذيب وصد المهاجمين. سنوحد قوانا في البلاد والعالم وسنكسر الأكاذيب التي يروجها أعداؤنا وسنكافح من أجل حق إسرائيل بالعيش بسلام وأمان وبالعيش بشكل عام".
إن كلام نتنياهو ليس جديدا وكرره مرات عديدة في السنوات الأخيرة. لكن ليس واضحا كيف ستقنع إسرائيل الأوروبيين بالتراجع عن قرارهم وضع إشارات أو علامات على منتجات المستوطنات.
وأفادت صحيفة "هآرتس"، أمس، أن إسرائيل تجري في الأسبوعين الأخيرين اتصالات دبلوماسية مكثفة من أجل كبح، أو على الأقل تأجيل، إصدار قرار أوروبي بوضع علامات على البضائع المصنوعة في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس والجولان المحتل.
وقال موظفون إسرائيليون رفيعو المستوى للصحيفة، إن وزارة الخارجية الإسرائيلية تقود الجهود الدبلوماسية في أوروبا عبر سفاراتها، وإن هذه القضية تقف على رأس أولويات وزارة الخارجية في الوقت الراهن.
وانطلقت هذه الجهود في أعقاب الجلسة الأخيرة لمجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في الثامن عشر من أيار الماضي. ووفقا للصحيفة تلقت وزارة الخارجية الإسرائيلية معلومات تفيد بأن وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، أبلغت زملاءها في 28 دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بأنها تعتزم دفع عملية وضع علامات تميز منتجات المستوطنات، وأنها ستصدر تعليمات في هذا الشأن.
وعلى الرغم من أن موغيريني لم تحدد موعدا لنشر هذه التعليمات، إلا أن تقديرات وزارة الخارجية الإسرائيلية ترجح أن تصدر خلال أسابيع، وحتى قبل بدء العطلة الصيفية في أوروبا في شهر آب المقبل.
وترجح تقديرات الخارجية الإسرائيلية أنه سيكون من الصعب جدا إلى درجة الاستحالة إحباط أو إرجاء إصدار قرار في هذا الشأن، فيما نقلت "هآرتس" عن مصادر دبلوماسية إسرائيلية قولها إن مقربين من موغيريني أشاروا إلى أن الطريق الوحيد لإرجاء القرار هو المباشرة في عملية سياسية مع السلطة الفلسطينية.
وتخشى إسرائيل من هذا القرار ليس لتداعياته الاقتصادية فحسب وإنما السياسية أيضًا، إذ يعتبر حجم صادرات المستوطنات لأوروبا جزءا صغيرا من الصادرات الإسرائيلية، لكن التحسب هو من أنه سيكون من الصعب على شبكات التسويق الأوروبية التمييز والفصل بين منتجات المستوطنات والمنتجات الإسرائيلية الأخرى، وستضطر إلى عدم بيع منتجات إسرائيلية ليست مصنعة في المستوطنات.
كما تخشى إسرائيل أن يؤدي القرار إلى المس بمكانتها السياسية في أوروبا وزيادة الضغوط الدولية عليها في كل ما يتعلق بالمستوطنات.
وفي هذا السياق، لفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من عدم صدور القرار بشأن منتجات المستوطنات، إلا أن الاتحاد الأوروبي ألغى، منذ مطلع العام الحالي، اعترافه بصلاحيات وزارة الزراعة الإسرائيلية في الضفة الغربية وتحديدا في "الخدمات البيطرية"، وهو ما انعكس على وقف وحظر استيراد اللحوم ومنتجات الألبان من المستوطنات، فيما يتوقع وقف استيراد المنتجات المصنفة على أنها "عضوية".