الأربعاء 27، نوفمبر 2024
منذ 8 سنوات

الاجتياح من “الدهيشة” لكنيسة المهد.. صمود في وجه الدمار

حجم الخط
شبكة وتر -"بقلم: شيرازماضي"تجنبا لمذبحة تستهدف المخيم، ارتأى رجال المقاومة في مدينة بيت لحم الانتقال من التحصن داخل مخيم الدهيشة، إلى التحصن بكنيسة المهد، حدث ذلك بعد أن قرر جيش الاحتلال اجتياح المدينة واستهداف معقل المقاومة “مخيم الدهيشة”. فالمؤشرات قبل اتخاذ رجال المقاومة هذا القرار، كانت تؤكد أن جيش الاحتلال ينوي أن يدوس بجنازير دباباته كل حقوق الإنسان والقوانين الدولية، ويستهدف المدنيين قبل المقاومين، وهذا ما بدا واضحا في قصف منزل عائلة المغربي المكون من ثلاثة بيوت، وقصف مركبة في مخيم الدهيشة. وقد خلفت هذه الهجمات شهيدين من المقاومة هما جاد عطاالله، وأحمد إسحق، إضافة لجريح ثالث. صف واحد موحد! كان مخيم الدهيشة أكبر مخيمات مدينة بيت لحم على موعد مع اجتياح واسع في شهر آذار من العام 2002، بعد أن قررت قوات الاحتلال اجتياح مدينة بيت لحم كباقي المدن الفلسطينية في عملية اسمتها “السور الواقي” بداية عام 2002. “استمر الاجتياح 40 يوماً متواصلا، سطر فيه شبان المخيم أكثر صور النضال بسالة، فكانوا يستعدون دائما لمواجهة دبابات الاحتلال وجنوده الذين غزوا المخيم من كافة الأطراف، ويوزعون بعضهم البعض داخل الحارات ومداخل المخيم، لصد أي هجوم لقوات الاحتلال”، يقول الشيخ عبد المجيد عمارنة الذي كان شاهدا على ماحدث. ويوضح عمارنة، أن قوات الاحتلال داهمت البيوت والمساجد والمؤسسات داخل المخيم، بحثاً عن الشبان الذين تعتقد أنهم اختبأوا بداخلها، وصادرت الحواسيب، واعتقلت كل من كانت تشتبه باضطلاعهم في الانتفاضة وعلاقتهم بالمقاومة”. “فداء” شاهدة أخرى على اجتياح المخيم، (طلبت عدم ذكر اسمها)، تقول إن الاجتياح على صعوبته وبشاعة آثاره، إلا أنه كان أجمل أيام الوحدة الوطنية للفصائل الفلسطينية، وتتابع، “جميع الشباب من جميع الأحزاب كانوا يداً واحدة ضد الاحتلال، وجميعهم يسهرون في حارات المخيم لصد أي هجوم، ويا ريت لو ترجع الفصائل كما كانت في تلك الأيام”. ويذكر سكان المخيم أيضا تشاركهم في وجبات الطعام وسد النقص في منازل بعضهم البعض، خاصة بعد النص الكبير في المواد التموينية التي أحدثه الحصار وعمليات الاقتحام وفرض حظر التجول لأيام طويلة. “كان مرعبا في البداية لمن لم يعاصروا الانتفاضة الأولى وماسبقها.. لكن مع مرور الوقت أصبح طبيعيا، واختفت رهبة الجندي الإسرائيلي”، هكذا لخص سائق تكسي من المخيم قصة العدوان الذي شاركت فيه دبابات وطائرات مروحية، فيما يستذكر صاحب محل صغير بالمخيم أن قوات الاحتلال كانت تستعمل الطلقات الفارغة كثيرا لإثارة الرعب بين السكان، ما يشير لحرب نفسية وليست عسكرية فقط. ويوضح الحاج “أبو طاهر” أن جنود الاحتلال استخدموا سياسة جديدة في تفتيش البيوت خلال أيام الاجتياح، وهي الدخول للبيوت من خلال جدران المنازل نفسها، “فالمنازل بالمخيم متلاصقة وتشترك فيما بينها بجدار، لذلك كان الجنود عند اقتحامهم لبيتي يحدثون فتحة في الجدار المشترك بيني وبين جاري ليمروا إلى بيت جاري عبر هذه الفتحة، فلم يستعملوا الشوارع أو أبواب المنازل للتفتيش”. ويتحدث أبوحسن حمامدة، أن الجيش كان يعمد إلى “فش غله” في محتويات المنازل وأثاثها بتكسيرها وتحطيهما، مضيفا “في إحدى مرات التفتيش جمعوا كل حيّنا رجالاً ونساء واحتجزونا في بيت واحد لمدة تزيد عن 12 ساعة متواصلة، وعاثوا خراباً في جميع بيوت الحي، وبعض الجنود استحلوا بيوتنا ونام فيها بحجة تعبهم الشديد”. وبعد حملات الاقتحام كانت قوات الاحتلال تقتاد المعتقلين إلى معسكر “عتصيون” المقام جنوب بيت لحم، وتعرضهم على ضباط المخابرات هناك، ثم يحولوا من يشتبه بأمرهم إلى المسكوبية أو سجن عوفر”. ولا ينسى أهالي مخيم الدهيشة حالات الاحتجاز الجماعية لرجال المخيم الذين هم دون الـ 60 عاما، وقد دأبت على تنفيذ ذلك ليلا في مواقع عديدة منها شركة لتصنيع الرخام، وأثناء ذلك يحقق الضباط مع المحتجزين ثم تعتقل بعضهم وتفرج عن البقية. صمود المقاومة المعارك في بيت لحم كانت تدور في جبهتين، بدأت أولا بالمخيم وبعض أحياء بيت لحم، ثم انتقلت إلى كنيسة المهد بعد انسحاب رجال المقاومة إلى المكان المقدس طلبا للأمان، بعدما أطبقت قوات الاحتلال عليهم برا وجوا، وشرعت بتدمير كل ما تقابله في طريقها. الأسير المحرر (ع.ع) كان أحد المطاردين من قوات الاحتلال حينها، يقول إن ماحدث كان تجربة صعبة لرجال المقاومة الذين عاشوا آلام المطاردة والتهديد المستمر بالموت، وآلام البعد عن عائلاتهم والعمر الذي يمر بأطفالهم بعيدا عنهم. ويتحدث عن اضطراره لدخول المخيم خفية مرتديا زي امرأة بنقاب ثم الوصول لمنزل عائلته والاغتسال، وماهي إلا دقائق حتى صرح أبناء المخيم حول المنزل “جيش جيش”، فهرب سريعا عبر أسطح المنازل متوجها للمغاور المجاورة. ويوضح أن فترة ملاحقته استمرت لست سنوات تبعها تسع سنوات اعتقالية، ليخرج ويجد “الدهيشة” مازال قادرا على التصدي لاقتحامات الجيش. وتقول (ه.م) زوجة أحد المطاردين، “كنت أعيش في حالة قلق دائم على زوجي أثناء المطاردة، فمن الممكن في أي لحظة أن يصلني خبر استشهاده أو اعتقاله، وهو ما حصل عندما اعتقلته قوات الاحتلال بتاريخ 27/5/2002، بعدما اجتاحت المنطقة لثلاثة أيام إثر انتهاء اجتياح الـ 40 يوم”. وتضيف، “هدم الاحتلال منزلنا فأصبحت بلا منزل وصرت أتنقل بين بيوت الجيران، وأصبحت رؤية زوجي أصعب مما كانت عليه خصوصاً مع اشتداد المراقبة على العائلة”. وارتقى في الاجتياح عدد من الشهداء أثناء تصديهم لمحاولات جيش الاحتلال اقتحام المخيم، منهم مصطفى الفرارجة ومحمود المغربي وسائد عيد وعيسى فرج، ويضاف إليهم من قرروا تنفيذ عمليات استشهادية وهم آيات الأخرس ومحمد ضراغمة وإبراهيم الوهادنة ورامي الشوعاني وغيرهم. كما أصيب فيه العشرات من أبناء المخيم، إضافة إلى الكثير من الأسرى الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال أثناء وبعد الاجتياح، وحكمت على أغلبهم بالمؤبدات والسنوات العديدة أو الاعتقال الإداري ومن بينهم ضباط من الأجهزة الأمنية. وخلال اجتياح الدهيشة، كان مقاومو بيت لحم محاصرين داخل كنيسة المهد، ومنهم العديد من أبناء المخيم، وكانت عائلاتهم تحملق في شاشات التلفاز فور الإعلان عن شهيد منهم خوفاً من أن يكون أحد أبنائها، وبعد انتهاء الحصار أُبعد زيد عطاالله وفراس عودة إلى غزة، وخالد أبو نجمة ومحمد سعيد سالم إلى اوروبا، وجميعهم من مخيم الدهيشة.
المصدر:
شبكة قدس الاخبارية
عاجل
القناة 12: الدفاعات الجوية أخفقت في اعتراض صاروخ مصدره اليمن سقط في منطقة غير مأهولة قرب المطار وسط إسرائيل