منذ 9 سنوات
تقرير يرصد معاناة الأسرى وأحوالهم في سجون الاحتلال
حجم الخط
شبكة وتر- يحيي الفلسطينيون في السابع عشر من شهر نيسان من كل عام ذكرى أليمة تكتوي بنارها يومياً آلاف الأسر الفلسطينية التي غاب عنها أبناؤها وأحبتها قسراً في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وقد استعرض مركز "أحرار" لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان في تقرير مطول وصل (صفا) واقع الأسرى داخل سجون الاحتلال، في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني.
وقال مركز "أحرار" في تقريره إن قضية الأسرى من القضايا التي تحتل مكانة كبيرة لدى الشعب الفلسطيني، الذي لا يتعاطف مع هذه القضية وحسب، بل يشعر أنها من أهم القضايا الوطنية المعلقة، والتي لا يمكن أن يكون لها نهاية دون تحرر هؤلاء الأسرى والإفراج عنهم من سجون الاحتلال.
قضية موسمية
وعبر مركز أحرار عن الأسف لان التعامل مع قضية الأسرى اصبح بطريقة موسمية، وليس ضمن خطة وطنية واستراتيجية ثابتة يشارك بها الكل الفلسطيني، وبات التعامل الارتجالي هو سيد الموقف، حتى هذا التفاعل الموسمي ليس كما هو مطلوب من حيث الأعداد والمشاركة والحضور.
واشار الى انه ومنذ بداية العام لم تنظم وقفات تتناسب مع معاناة الأسرى، فبالكاد هناك وقفات تضامن تعقد بعدد قليل أمام أبواب الصليب الأحمر في مدينة رام الله، وكان هناك وقفات أمام صليب الأحمر في طولكرم وتوقفت، أما باقي المدن فلا يذكر أن وقفات حقيقية بمشاركة حقيقية تمت حتى الآن.
كما غاب عن المشهد أي دور رسمي حقيقي للقيادة الفلسطينية في تفعيل قضية الأسرى سواء كان من خلال التوجه للمؤسسات الدولية ورفع قضايا على الاحتلال، أو من خلال جهد إعلامي مشترك بين هيئة الإعلام ووزارة الخارجية، للفت انتباه العالم للانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين.
وانتقد أحرار غياب الفصائل عن أي دور فعال في إسناد الأسرى وتعزيز صمودهم، مبينا أن الفصائل الفلسطينية التي مرت أغلبها بذكرى انطلاقتها لم تول قضية الأسرى الأهمية الواجبة.
أما مؤسسات المجتمع المدني فلم يكن لها أدنى دور في تفعيل هذه القضية من خلال أي برامج، ولا يوجد اي اهتمام من هذه المؤسسات بقضية الأسرى.
واعتبر التقرير ان الانقسام الفلسطيني ومنذ عام 2007 أحد أهم أسباب ضعف التفاعل مع قضية الأسرى، ويعتبر هذا الحدث وإقصاء الدور المركز لفصيل كبير بحجم حركة حماس عن المشهد السياسي، أحد أهم العوامل في إضعاف التفاعل مع قضية الأسرى.
استفراد وأوضاع متردية
وأكد التقرير ان السجون لم تشهد في يوم من الأيام أوضاعا أسوأ من الأوضاع التي يعاني منها أسرى الشعب الفلسطيني، فهي تستفرد بهم في ظل انشغال الكل عن قضية الأسرى، وعدم وجود رد فعل حقيقي من قبل القيادة والفصائل الفلسطينية لانتهاكات الاحتلال وتماديها في عقاب الأسرى.
ولفت الى ان الحرب على غزة عام 2014، والتي استمرت طوال 51 يوما، عانى خلالها الأسرى من التضييق والعقوبات.
وهدد الأسرى خلال الربع الأول من عام 2014 بخطوات احتجاجية مطالبين بإعادة الامور الى ما كانت عليه قبل عملية الخليل، فحاولت مصلحة السجون نزع الفتيل بتقديم بعض الانجازات منها السماح للأسرى بالزيارة كل شهر بدل شهرين، ورفع المخصص المالي الذي يدخل للأسرى، واعادة بعض القنوات التلفزيونية وما شابه من أمور من شأنها التخفيف عن الأسرى.
اقتحامات واعتداءات
وذكر التقرير ان مصلحة السجون مارست موجة كبيرة من الاقتحامات لغرف الأسرى بشكل يومي مع استهداف واضح لبعض الأقسام دون وجود أي مبرر، وتركزت هذه الاقتحامات الكثيرة في سجون الجنوب.
وأشار إلى أن مصلحة السجون تعمدت الدخول من خلال وحدات خاصة متخصصة في قمع الأسرى مدججة بالسلاح ومعها كلاب بوليسية، كما استخدمت هذه القوات غاز الفلفل في قمع الأسرى دون أدنى مراعاة للحقوق الدولية الممنوحة لهؤلاء الأسرى في سجون الاحتلال.
ولعل سياسة تنقيل الأسرى وخلق حالة من اللا استقرار داخل سجون الاحتلال كانت صفة بارزة وعقوبة واضحة من قبل مصلحة السجون بحق القيادات التي عملت وتعمل على ترتيب أمور الأسرى وتنظيم حياتهم داخل الأسر.
الغرامات المالية
وأشار إلى توجه المحاكم الإسرائيلية لفرض الغرامات المالية على الأسرى، فباتت هذه المحاكم تضيف على الأحكام الصادرة بحق الأسرى غرامات مالية باهظة ترهق العائلات الفلسطينية.
واعتبر ان هذا شكل من أشكال العقاب الكبير للأسير وعائلته، ويتسبب بإرهاق وعبء مالي صعب يلقيه الاحتلال على كاهل عائلة الأسير، التي تجد نفسها عاجزة عن تأمين تلك المبالغ الضخمة والمهولة التي يفرضها الاحتلال عليهم بالقوة، وذلك عقابا لهم على دعمهم للمقاومة أو حبهم للوطن والدفاع عنه.
ويرمي الاحتلال من وراء ذلك لردع تلك العائلات لعدم العودة والرجوع عن دعم أبنائهم المعتقلين مرة أخرى إذا ما تعرضوا للاعتقال ثانية.
الأسرى المرضى
وتطرق التقرير إلى استشهاد الأسير المحرر الشاب جعفر عوض (22 عاما) من بيت أمر في الخليل، والذي خرج من معتقله بداية شهر كانون الثاني 2015، وهو في غيبوبة بعد إصابته بمرض نادر، الأمر الذي أدى لاستشهاده في العاشر من شهر نيسان 2015 بعد معاناة شديدة مع المرض.
وذكر أن استشهاد عوض عاد ليفتح من جديد جرحا لم يندمل بعد للأسرى المرضى في ما يسمى مستشفى سجن الرملة، والذي يبلغ عددهم 18 أسيرا بالإضافة الى قرابة 1600 أسير مريض يعانون أمراضا مختلفة، دون وجود بوادر لإنهاء معاناتهم.
الأسيرات الفلسطينيات
وأفاد أن ما يقرب من 25 أسيرة لا زلن مختطفات في سجون الاحتلال، أقدمهن الأسيرة لينا الجربوني المعتقلة منذ قرابة 14 عاما، ومن بين تلك الأسيرات النائب في المجلس التشريعي خالدة جرار، وتقبع جميع الأسيرات في سجن "هشارون" في ظروف وأوضاع معيشية غاية في الصعوبة والقسوة.
ويحرم الاحتلال الأسيرات الفلسطينيات من أن يعرضن على طبيبة خاصة تقوم بفحصهن بدل طبيب السجن، كما تحرم الأمهات الأسيرات الالتقاء بأطفالهن دون قيود في انتهاك واضح لأبسط الحقوق الإنسانية المكفولة في المواثيق الدولية.
الاعتقال الإداري
وقال "أحرار" إن هناك ما يزيد عن 400 معتقل إداري في سجون الاحتلال، 90% منهم ينتمون لحركة "حماس" وجميعهم أسرى محررون ونخب وطنية.
وأضاف أن جميع الخطوات النضالية التي خاضتها الحركة الأسيرة الفلسطينية للتصدي لهذه السياسة الإسرائيلية فشلت، فبعد إضراب استمر 63 يوما بشكل متواصل ضد الاعتقال الإداري انتهى منتصف شهر حزيران 2014، لم يتم التوصل حينها لتحقيق مطالب الأسرى القاضية بإنهاء معاناة المعتقلين الإداريين.
واعتبر أن إنهاء معناة الفلسطينيين مع الاعتقال الإداري بحاجة لتبنى السلطة الفلسطينية للمشروع، ورفعه للمؤسسات الدولية والطلب بإنهاء هذه السياسة، التي ينفرد الاحتلال لوحده العمل بها دون دول العالم.
اعتقال الأطفال
وفد سلط اعتقال الطفلة ملاك الخطيب والطفل خالد الشيخ نهاية العام 2014 الضوء على معاناة الأطفال الفلسطينيين، الذين يتعرضون لقتل طفولتهم وحرمانهم من الذهاب لمدارسهم، وما يتعرضون له من طرق التنكيل بهم وتعذيبهم دون أدنى رحمة من قبل الاحتلال وجيشه.
وأشار التقرير إلى وجود ما يزيد عن 220 طفلا فلسطينيا معتقلا في سجون الاحتلال، وما يزيد عن 450 طفلا اعتقلوا من بداية العام الجاري، دون تحرك حقيقي من قبل المؤسسات الدولية لوقف سياسة الاحتلال باعتقاله واستهدافه للأطفال.
وبين ان اعتقالات الأطفال وثقتها كاميرات الصحفيين وحتى كاميرات جيش الاحتلال نفسه، التي كانت تصور طرق اعتقال واقتياد الأطفال الفلسطينيين، الأمر الذي يسهل محاسبة الاحتلال على هذه الجرائم لو كان هناك نية لدى القيادة الفلسطينية التوجه للمؤسسات الدولية لمحاسبة الاحتلال على تلك الانتهاكات الجسيمة والخطيرة.
وتتركز هذه الاعتقالات للأطفال الفلسطينيين في مدن القدس والخليل والمدن القريبة من جدار الضم والتوسع، حيث تشهد تلك المناطق حالات كبيرة من اعتقال الأطفال.
اختطاف النواب
منذ اختيارهم وانتخابهم من قبل الشعب الفلسطيني منتصف 2006 ولا زال هؤلاء النواب، وتحديدا نواب كتلة التغير والإصلاح، يتعرضون لحملات لها بداية وليس لها نهاية من الاستهداف، حيث أمضوا ما يزيد عن خمسة أعوام في الاعتقال، حيث ينتقلون من اعتقال إداري لاعتقال إداري آخر بشكل مستمر.
واعتبر التقرير أن اعتقال النوب يأتي كمحاولة من الاحتلال لإبعادهم عن خدمة شعبهم ولمعاقبة الشعب الفلسطيني على خياره في هذه الانتخابات التي شهد الجميع بنزاهتها.
محررو صفقة "وفاء الأحرار"
وقع أولئك المحررون الذين امضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال، فريسة التنكر الإسرائيلي للاتفاقية التي تمت في 18/10/2011، والتي اطلق عليها صفقة "وفاء الأحرار"، فأعاد الاحتلال اعتقال الكثير منهم في ظل صمت مطبق من الحكومة المصرية التي كانت راعية لهذه الصفقة، والتي تعد من أروع أحداث المقاومة الفلسطينية وإنجازاتها.
كما أعاد الاحتلال اعتقال ما يزيد عن 66 من محرري الصفقة البالغ عددهم 117 أسيرا في مدن الضفة الغربية بتاريخ 14/6/2014، وذلك بعد حادثة أسر وقتل ثلاثة مستوطنين في مدينة الخليل بتلك الفترة الزمنية.
ومن اللحظة الأولى لاعتقال هؤلاء هدد الاحتلال بأنه سيعيد الأحكام السابقة لهم، وهو الأمر الذي حدث حيث أرجع الأحكام السابقة بحق 38 أسيرا منهم حتى اليوم، فيما يحاول فريق الدفاع القانوني عن أولئك الأسرى إيقاع شرخ في هذا الملف الذي يحكم من قبل "الشاباك".
ويعد هذا الملف من أصعب الملفات التي ما زالت عالقة والتي لا يعلم أحد الى أين ستصل الأمور بها، الأمر الذي جعل عائلات هؤلاء الأسرى والأسرى أنفسهم يعيشون رعبا حقيقيا من إعادة الحكم المؤبد لهم.
ويعيش الأسرى وعائلاتهم أملا جديدا بإتمام صفقة تبادل جديدة، لا سيما بعد حرب غزة الأخيرة والحديث عن تمكن المقاومة من أسر جنود، حيث بعث ذلك على الأمل من جديد لدى الأسرى، ولكن إتمام هذا الأمر بحاجة لوقت طويل في حال كان هناك جنود أحياء مخطوفين ومأسورين لدى المقاومة، وهو ما لم يتم تأكيده بعد.
أطفال الحرية
وفيما يتعلق بإنجاب الأسرى للأطفال عن طريق النطف المهربة، أوضح التقرير انه تم منذ عام 2012 ولغاية الآن تم إنجاب ما يقرب من 35 طفلا فلسطينيا عبر النطف المهربة من سجون الاحتلال، والتي تمكن العديد من الأسرى المحكومين أحكاما عالية من تهريبها وإخراجها لترى النور والحياة خارج أسوار السجون والمعتقلات المظلمة.
وأظهر المجتمع الفلسطيني حالة رقي وتحضر كبيرة لا مثيل لها باحتضانه هذه الظاهرة، وساهم الإعلام في مساندة الأسرى وجعل المجتمع يتقبل هذه الظاهرة التي لا يوجد لها مثيل في العالم.