منذ 9 سنوات
ثلاثة ايام في الجنة – "مرمريس"
حجم الخط
تعوّدت –كما المعظم- أن أقيّم الشعوب والدول بإنجازاتها السياسية والعسكرية، فتلك الدولة هزمت تحالفاً وأخرى سيطرت على أرضٍ تدّعي أنها لها، وتلك انتصرت دبلوماسياً على العالم، وهكذا، ولكنّي وللمرة الأولى في حياتي، أجبرت أن أحترم شعباً نتيجة قدرته العاليــة على صنع الذات والنظام والبساطة في نفس الوقت.
ففي رحلة استطلاعيـة ترفيهية إلى "مرمريس" بتركيـا، تلك المدينة التي يبدأ سحرها بالتغلغل إلى قلبك قبل أن تصلها، فقط بلمحة منها على بعدة عدة كيلومترات في الطريق لها تستطيع التأكّد بأنك أمام تجربة ستحفرها في تاريخك، وتفخر بها حتى الممات.
البكيــر، شركة السياحة التي يملكها ويديرها السيد محمد البكير، الفلسطيني الأصل، والذي أخذ على عاتقه إمتــاع شعوب العالم بهذه التجربـة، فأصر أن تكون شركته السباقة بأن تدعو نخبة مكاتب السياحة في الشرق الأوسط، بالإضافة لوكالات إخبارية، لتغطّي هذا السحـر وتنقله لدولها وتضعه بين أيدي هؤلاء الذين يبحثون عن الجمال المطلـق، الجمال الذي يصعب على أي كان نقده والتشكيك فيه، في رحلة طغت ببصمتها على نفوس جميع من كانوا برفقتنا، بمختلف الأعمار.
بعد أن استقبلنا بمطار "الدلمان" الأقرب إلى مرمريس دليلان سياحيان من شركة البكير، توجّهنا في رحلة بالحافلة إلى بلدة السحر، توقّعنا أن نغرق في النوم خلال هاتين الساعتين، ولكننا على عكس ذلك، كنّا نكاد لا نرمش لكي لا نضيّع أحد المشاهد الرائعة في الطريق، للبنيان التركي، والجبال الصخرية الغريبة، والسيول والينابيع التي تتدفّق منها حتى جوانب الشارع.
لمحات الإعجاب الأولى بمكتب البكيــر كانت لدى وصولنا للفنادق المخصصة لاستضافتنا، فقد بات واضحاً بأن هذه الشركة لم تترك فندقاً فخماً إلا وتعاقدت معه، فالتناغم ضروري بين أجواء مرمريس المذهلة وغرف النوم، أي يجب أن يلاحقك لترف أينما ذهبت، تلك هي رؤية "البكير".
وبينما انتهى يومنا الأوّل نغرق فندقنا بالمديح، بدأ يومنا الثاني لينهي غرورنــا، عندما اصطحبنا السيد محمد شخصياً إلى أفخم فنادق هذه المدينة السياحية، في جولة تعرّفنا من خلالها على جميع التفاصيل الخاصة بهذه الفنادق، ونقشنا صوراً جديدة في ذاكرتنا لبحر "الإيجة" من كل فندق، فتكاد أن تجزم أن الصـور من كل فندق للشاطئ هي لمناطق مختلفة، بقدر ما يضفيه تنظيم الفندق ورفاهيته رونقاً جديداً على الشاطئ من كل زاوية.
أما يومنا الثالث، فكان السبب بأننا – حتى هذه اللحظة - نودّ العودة إلى مرمريس والبقاء فيها، فالمتعة التي شهدناها متنقلين بين 4 جزر مختلفة في بحر الإيجة، بوساطة قاربٍ يعطيك الشعور بأنك تستنشق هواء الكاريبي البحري، تكاد لا توصف، خاصة عندما يقترب القارب إلى شاطئ تلك الجزر، وينزل مرساته معلناً بدء وقت السباحة، في مشهدٍ تراه في الأفلام الغربية معتقداً أنك لن تراه في حياتك قط.
من غير الممكن أن أنهي الحديث دون أن أذكر وسط البلدة، الذي تعوّدنا أن نجوبه متبضعين كل ليلة تقريباً، بجماله وتنظيمه وسهولة الوصول منه إلى الفنادق وبالعكس، فالترحاب الذي تراه من البائعين وأصحاب المحلات والمقاهي والمطاعم لا نهائي، وذلك الشارع بجانب الشاطئ، الذي يمتلئ بالمطـاعم والمتنزهات السياحية لا يوصف، تفحّصته في المرّة الأولى ليلاً، وملكني سحر الإضاءة، فظننت أن متعته في الليل، وفي اليوم الثاني عندما زرته صباحاً، أدركت أنني مخظئ، وأن هذا السحر لا ينطفئ أبداً.
باسمي شخصياً، وباسم الوفد الإعلامي الذي استضافته شركة البكير في مرمريس، نتقدّم بجزيل الشكر والتقدير لهذه الشركة المبدعة والجريئة، ليس لانها استضافتنا في رحلة وحسب، بل لأنها اختارت أجمل مناطق العالم لتكون مقر هذه الاستضافة، متمنيين أن يتوفّق كل المغتربين الفلسطينيين في الخارج، الذين أثبتوا إبداعهم وذكاءهم في كل موطئ داسوه، وفي كل بقعة عاشوا فيها.