منذ 8 سنوات
رمضان في الخليل القديمة.. حياةٌ وأمل رغم صلف المحتل
حجم الخط
شبكة وتر-عادت الحياة إلى شوارع وأسواق البلدة القديمة في الخليل (جنوب الضفة المحتلة)، مع بداية شهر رمضان، الذي يطل بخيره وبركته على سكان البلدة؛ ليعيد لهم الأمل ويزرع في نفوسهم الصبر والتحدي في وجه الاحتلال، الذي ما فتئ يهوّد المدينة ويحاول السيطرة عليها.
سياسة الإعدامات الميدانية التي انتهجها الاحتلال خلال انتفاضة القدس، على أبواب الحرم الإبراهيمي، وفي أزقة البلدة القديمة، إضافة لسياسة الإغلاق الصهيونية، دفعت العديد من المؤسسات وأصحاب القرار إلى تكثيف الجهود خلال الشهر الفضيل، لدعم صمود المواطنين في هذه المناطق.
الناطق الإعلامي باسم تجمع شباب ضد الاستيطان محمد الزغير أوضح في حديث مع مراسلنا أن عدد المحلات المغلقة في البلدة القديمة ومحيط الحرم الإبراهيمي تجاوز 1800 محل تجاريّ، أغلق الاحتلال منها ما يقارب 520 محلا، أما باقي المحلات أغلقت من أصحابها بسبب سياسة الإغلاق الصهيونية للشوارع والمناطق، وقلة حركة الزوار.
رمضان يعيد الحياة للمدينة
أبو كمال العواودة من مدينة دورا بالخليل، تاجر ويمتلك محلا لبيع المطرزات منذ ثلاثين عاما على أبواب الحرم الإبراهيمي، أكد لمراسلنا أن شهر رمضان يعيد الحياة للمدينة القديمة بعد موتها طوال السنة؛ فتوافد المواطنين للبلدة القديمة والصلاة في الحرم الإبراهيمي خلال هذا الشهر الفضيل يرجع للبلدة جمالها بالحياة، ويعطي الأمل لسكانها في البقاء والصمود في وجه الاحتلال ومستوطنيه.
أما الحاج الثمانيني أبو عبد الدويك والذي يجلس على باب محله الواقع على مدخل البلدة القديمة يقول: "نحن بالفعل نتمنى لو أن شهر رمضان يبقى جميع أيام السنة، لأنه يعيد لنا الذاكرة الجميلة عن البلدة القديمة بأسواقها الحيوية واقتصادها المركزي في المدينة".
حملات لكسر الحصار
ودفعت العديد من المؤسسات في الخليل إلى توفير عروض وحملات تكون خاصة في البلدة القديمة من المدينة، لتشجيع الناس في النزول وكسر حاجز الخوف الذي تشكل عند البعض منهم، فعملت بعض مصانع الألبان على فتح محلّات لبيع منتجاتهم بسعر التكلفة، كما أن الارتباط الفلسطيني عمل على نقل مكتب استقبال معاملات تصاريح دخول القدس إلى وسط البلدة.
وزارة الأوقاف اختصت نفسها ببرنامج مميز اختلف عن السنوات السابقة؛ لتشجيع الناس في الصلاة في الحرم الإبراهيمي وزيارة البلدة القديمة.
وأكد مدير أوقاف الخليل إسماعيل أبو الحلاوة، أنه تم وضع برنامج لشهر رمضان في هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة، باختيار عدد من العلماء وأستاذة الجامعات للتدريس يوميا عقب صلاة الفجر والظهر والعصر في الحرم الإبراهيمي.
كما سيشمل البرنامج، وفق أبو الحلاوة، عددًا من الفعاليات في صلاة العشاء والتراويح التي تبدأ باختيار مجموعة من القراء ذوي الأصوات الندية الجميلة للإمامة، إضافة إلى التعاقد مع حافلات لنقل المصلين من مساجد المدينة وبعض قرى المحافظة للصلاة في الحرم.
وأشار أبو الحلاوة إلى أن وزارته تعاقدت مع محال الحلويات المتواجد في البلدة القديمة لتقديم القهوة والحلويات وبعض الضيافة للمصلين خلال صلاة التراويح التي ستبث مباشرة على إحدى الإذاعات المحلية ضمن مسابقات دينية تاريخية ويتم توزيع الجوائز في الحرم.
وأوضح أن هناك فعاليات أخرى لتشجيع المواطنين في إعادة الحياة للبلدة القديمة والحرم الإبراهيمي كفعالية اليوم الطبي داخل الحرم الإبراهيمي التي تضم مجموعة من الأطباء ذوي التخصصات المختلفة وتقديم الدواء بشكل مجاني، وغالبا ما ستكون يوم السابع عشر من رمضان.
ومن الفعاليات، وفق أبو الحلاوة، الحلاقة المجانية لرواد الحرم الإبراهيمي، إضافة لتوفير الحافلات لنقل المصلين مجانا إلى الحرم في مختلف الصلوات.
"كل من سيصلي بالحرم، سيمنح قبعة مكتوبًا عليها "صليت بالحرم"، كوسام شرف وتقدير، ومحاولة للتشجيع على الرباط في الحرم الإبراهيمي الشريف"، يقول أبو الحلاوة.
وأوضح أنه خلال الليلة الأولى من رمضان، وزعت وزارة الأوقاف فوانيس الحرم، على 300 من أطفال البلدة القديمة، الذين سيعملون على إعادة نبض الحياة إلى البلدة القديمة.
أما فيما يتعلق ببرنامج التكية الإبراهيمية خلال شهر رمضان؛ أشار أبو الحلاوة إلى أنه سيتم طهي ما يقارب 20 طن لحوم ودجاج، وسيتم توزيعه طيلة أيام الشهر الفضيل على المحتاجين والفقراء في المدينة، إضافة إلى الإفطار الرمضاني لأهالي شارع الشهداء وتل الرميدة وتوزيع وجبات غذائية لبعض الأسر الفقيرة، كما سيتم توزيع طرد صغير يحتوى على مكونات كعك العيد على سكان البلدة القديمة مقدمة من التواجد الدولي المؤقت في الخليل.
وعدّ إسماعيل أبو الحلاوة أن هذه الفعاليات جاءت في محاولة لتحدي الاحتلال في سياساته العنصرية والتهويدية بحق الحرم الإبراهيمي، وإخراج المدينة وسكانها من الحالة التي فرضته قوات الاحتلال بحقها من حصار ورعب وإغلاق.
وأكد أن وزارته تسعى إلى العمل على مثل هذه الفعاليات على مدار العام وعدم اقتصارها على شهر رمضان؛حفاظا على الحرم الإبراهيمي والصلاة فيه، ودعم الحركة الاقتصادية في البلدة القديمة لتعزيز صمود سكانها.