منذ 9 سنوات
كيف تتغلب على شعورك الوهمي بأنك "مُحتال"؟
حجم الخط
هل نظرت حولك يوما وشعرت أن تلك مسألة وقت فقط قبل أن يكتشف شخص ما أنك مخادع أو محتال، وأنك لست كفؤا كما تبدو أمام الناس؟
أنت لست وحدك من ينتابه ذلك الشعور، الذي بات شائعا لدرجة أنه أصبح يحمل اسما محددا، بل وخصصت له صفحة على موقع ويكيبيديا الشهير، ويعرف باسم "متلازمة المحتال"، أو ظاهرة الشخص المحتال أو المخادع. (وهو شعور يجعل المرء الناجح يتوهم أن نجاحه ليس إلا أمرا مزيفا حدث دون جهد منه).
وينتاب ذلك الشعور الرجل والمرأة على حد سواء، ويمكن أن يعيق المرء عن مواصلة حياته، لكن هناك عدة طرق للتغلب على ذلك الشعور بالشك في الذات.
كانت كارولين هولت، وهي مستشارة ومدربة مهنية في لندن، تعمل مع سيدة تشغل منصبا كبيرا في شركة "بيغ فور" للمحاسبة، وقد جاء دورها للترقية لكي تصبح مديرة في تلك الشركة.
كان أصحاب الشركة يسعون لإقناعها بشغل ذلك المنصب، لكنها كانت تقاوم، مع أنها كانت بالفعل تريد ذلك المنصب.
كانت تلك السيدة تخشى أن الشركة "سوف تكتشف أنها ليست على ذلك القدر من الكفاءة كما كانت تعتقد من قبل،" كما تقول هولت.
وبما أنها كانت الوحيدة التي تكسب قوت عائلتها، كانت المخاطرة كبيرة بالنسبة لتلك العميلة التي تتعامل معها هولت. وقد ساعدتها هولت على استكشاف تلك المخاوف، وعلى قبول انجازاتها بشكل جوهري كثمرة حقيقية لموهبتها وعملها الدؤوب.
وقد كافحت تلك المرأة من أجل فهم قيمتها الحقيقية، وكانت تشعر بالقلق من أنها "لو اكتشفت" فذلك سيعني أنها قد تخسر وظيفتها، وتصبح غير قادرة على دعم عائلتها وابنها.
إذا ما شعرت يوما بأنك تشبه تلك السيدة التي تطلب مساعدة هولت، فلا تقلق من ذلك الأمر الذي سبقك إليه كوكبة من أفضل الناس. الممثلة الشهيرة كيت وينسيلت، الحائزة على إحدى جوائز الأوسكار، مرت بتلك التجربة أيضا.
ونقل عنها قولها: "كنت أصحو من النوم في الصباح قبل الذهاب للتصوير، وأفكر في أنني لن أستطيع القيام بذلك، وأنني مجرد ممثلة محتالة."
ومرت بتلك التجربة أيضا شيرلي ساندبيرغ، المديرة التنفيذية بشركة غوغل، وصاحبة أحد أكثر الكتب مبيعا "Lean In". تقول ساندبيرغ إنها كانت تشعر بنفس الشيء، وفقا لمقال نشر في صحيفة "نيويوركر".
وعلى الأرجح، فإن المشاعر الناجمة عن "متلازمة المحتال" تلك لا أساس لها في الواقع، لكن علماء النفس يرجحون أنه طالما أنك تنمو وتتعلم، فإنك سوف تخطو خطوة من وقت لآخر خارج ما يعرف بمنطقة الراحة الخاصة بك. وسيكون رد فعلك الطبيعي حينها هو الخوف أو القلق.
لذا، كيف يمكنك أن تتعلم أن تُسكت ذلك الصوت داخل رأسك إذا بدأ في تغذية تلك المخاوف؟ وهل يمكنك أن تنتقل إلى المستوى التالي برغم شكوكك تلك؟
عليك أن تدرك أن الشعور بالشك في الذات جزء من تطورك الشخصي. وعندما تظهر لديك شكوك في قدراتك الخاصة، فاعلم أن ذلك هو "قرصانك" الداخلي يتحدث إليك، كما تقول أنجيلا نيغرو، المدربة في شؤون الحياة والقيادة والمقيمة بمدينة تولوز الفرنسية.
وتعتقد نيغرو أن حوار ذلك القرصان يعد جزءا من العملية الطبيعية المتعلقة بتوسع قدراتك ومهاراتك. ومن خلال تعلم إدراك ذلك القرصان الكامن داخلك، يمكنك أن تضعه في مكانه الصحيح.
لكن ما الذي يجعل ذلك القرصان مقنعا بهذا الشكل؟ إنه بالطبع يتغذى على مخاوفك المتعلقة بخذلانك للآخرين، أو بظهورك كشخص متعجرف، أو كشخص مكروه.
لقد عاينت نيغرو ذلك الأمر بشكل مباشر عندما شغلت وظيفة في منظمة اليونيسكو في باريس، وهي الوظيفة التي لم تكن لها فيها سابق خبرة، كما تعترف هي بذلك. كان ذلك عندما كانت في سن 25 عاما وبعيدة عن بيتها، حينما قدمتها صديقة لها لرئيستها في العمل.
وتضيف نيغرو: "حصلت على الوظيفة مباشرة، كمقدمة استشارات في مجال التعليم. ثم فكرت في أنني قد يُكتشف أمري أنني لست بهذا القدر من الكفاءة الذي كنت أتظاهر بها."
إن صوت النقد الداخلي لدينا يقوى خلال فترة الطفولة، وهدفه حمايتك في الأساس، كما تقول نيغرو. وهذا الحوار الذاتي ليس دائما ما يغرسه فينا الآباء وحدهم، فيمكن أن يأتي من الأقران أو المعلمين أيضا.
كما أنه يبقينا "آمنين" من خلال دفعنا إلى التمسك بالوضع الراهن- سواء كان ذلك وظيفة حالية، أو علاقة ما، أو عدم قدرة على اتخاذ الخطوة التالية لكي نعيش خارج الحلم.