منذ 9 سنوات
لماذا يختفي الدخان المحلي الصنع من الأسواق؟
حجم الخط
شبكة وتر- أمبريال" ، " فريد "،" عالية "،" وسام "واخيرا " عمر " هي ليست اسماء لممثلين في مسلسلات تركية، وانما هي اسماء تاريخية تعود لأواخر الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، اذ كان جدي يتجول بين أزقة احدى البلدات القديمة حاملا بيده "جمال" وهو ليس بأحد احفاده، وانما هو نوع من الدخان بطابع محلي الصنع كان مرغوبا به قديما لانخفاض سعره، وحاليا تفرض عليه جمارك إضافية مما قلص نسبة تواجده في السوق، ليصطف هو وعائلته العربية داخل رفوف تنتظر زبون لالتقاطها، بعد أن ملت المكوث لبضعة أشهر، وما كان للبائع سوى ان يمسح الغبار عنها ويستبدلها بالمنتج الأجنبي الأكثر مبيعاً.
مرهق للجيوب " كرهت جمال بعد ما رفعوا سعره ".. قالها أبو أحمد بغضب بعد أن كان ينظر لعقارب الساعة لحساب الوقت المستغرق في لف تبغ يعبد داخل ورقة شفافة كانت تسمى قديما " اوتومان " وهي الأفضل برأي أبو احمد لتباع حاليا بصنف أقل جودة "جيزيه ". وأضاف " منذ 25 عاما وأنا ادخن سجائر جمال، ولم يرهق " جمال" محفظتي فقد كان يباع بجودته العالية بـ 5 شواقل، أما الآن ومع فرض الجمرك أصبح يباع بـ 19 شيقلا وهذا "مرهق للجيبة" ولم أعد بمقدروي شراؤه ولجأت لتعبئة أنفاسي بدخان الحلل فهو الأرخص والأوفر والأقل ضرراً".
لا فرق في الأسعار بين المحلي والأجنبي " أدفع شيقلين زيادة ولا أسعل نص ساعة "، هذا ما تحدث عنه المواطن حاتم شقفة عندما قارن سعر الدخان المحلي " امبريال" والبالغ ثمنه 19 شيقلا، بسعر المنتج الأجنبي البالغ 21 شيقلا ، وقال " بدل ما يتم دعم المنتج الوطني يتم محاربته برفع الأسعار، في حين لو تمت المحافظة على السعر المناسب او تخفيضه بما يتناسب مع دخل الفرد حينها سيدخن الفرد الدخان المحلي ويترك الأجنبي ، والملاحظ ان الكحول والسجائر مستهدفان في رفع الأسعار والضرائب الجمركية المفروضة عليها بشكل خيالي . "هيك هم بحكو للمواطن بدك تكيف بدك تدفع والمواطن الله لا يرده ".
بحث عن الأسماء الأجنبية! وفي زاوية قديمة في مدينة رام الله ، يجلس أبو جمال (60)عاما ، داخل بقالته الصغيرة باحثا عن عود ثقاب ليشعل سجارته الأخيرة بعد أن التهمت أنفاسه علبة سجائر كتب عليها " امبريال" صنع محلي من انتاج شركة سجائر القدس. وقال اثناء حديثه للاقتصادي " سوق الدخان من الانتاج المحلي توقف نوعا ما، ولم يعد هناك زبائن يطلبون المنتج المحلي والجميع يفضلون المنتج الأجنبي لارتفاع أسعار المحلي بعد ان كان يباع " الامبريال" قبل 5 سنوات بـ 4 شواقل، فهم يبحثون عن الجودة والاسم أيضا ، فأسعار الدخان المحلي والأجنبي متقاربة وشباب اليوم "بخجلو يحملو دخان اسمه عالية او جمال فهم يبحثون عن الأسماء الأجنبية".
" الجمارك تترك شركة سجائر القدس تعطي السعر المناسب للزبون " هذا ما أشار اليه البائع حمادة شوبكي أثناء حديثه للاقتصادي فقط اعتبره حلا لاعادة تشجيع المنتج المحلي من صناعة الدخان بمختلف تسمياته. وأضاف " يجب فرض نصف الجمرك على البضاعة وليس كما هو مفروض حاليا بما يعادل 15 شيقلا و 24 أغورة، وهكذا يمكن للمنتج المحلي أن يفرض وجوده وبقوة تنافس المنتجات الأخرى، ويقبل المدخنون على شراء المنتج المحلي".
غياب نظام واضح ينظم قطاع الدخان " يعتبر التبغ من موارد الدخل الرئيسية في اي دولة، وبالتالي عدم وجود نظام واضح ينظم هذا القطاع يمكن ان يتسبب في الحاق تراجع كبير في الوضع المالي لخزينة الدولة ".
هذا ما أكده المدير التجاري في مجموعة شركة سجائر القدس جمال عديلة حيث ذكر انه قبل عامين تم زراعة التبغ في يبعد دون رقابة من أي جهة رسمية تعمل على ضبط هذا القطاع، فلم يتم جباية الجمرك المفروض على التبغ والتي تصل قيمتها 458 شيقلا و14 أغورة لكل كيلو تبغ، ما وفر كميات من التبغ دون معالجة قانونية ومالية في الأسواق الفلسطينية". وهنا يوضح عديلة بأن شريحة ليست ببسيطة من المدخنين لجأت الى تدخين الحلل " اللف" المنتج من تبغ يعبد وصنف آخر مهرب، حيث يمكن للمدخن ان يشتري علبة سجائر " اللف" المهرب بـ 6 شواقل، وبذلك يتركون الدخان المصنع محليا ما يساهم في تراجع مدخول الخزينة وتدمير الشركات الوطنية المنتجة . وأضاف " الماكنات ومصادر التبغ المصنعة محليا في الشركة تنافس الشركات الأجنبية، والمدخن يتوجه للأجنبي فقط " كموضة " ، اذ ان منتج شركة سجائر القدس توفر المواصفات العالمية في عملية الانتاج والمعالجة، ولكن المشكلة تكمن عدم الانفاق على سوق التبغ المحلي في الوقت الحالي". وذكر ان نسبة المبيعات من الدخان محلي الصنع قد تقلصت بشكل ملحوظ مقارنة بعام 2007 حيب كانت تصل نسبة المبيعات في السوق الفلسطيني الى 54%، واليوم لا تكاد النسبة تصل الى 11% ،فقد تقلص حجم العمال الى 126 موظفا، بعد ان كان يعمل في انتاج الدخان المحلي بمختلف أصنافه ما يقارب 350 عاملا، وحاليا ننتج أقل من خمس المنتج سابقاً.
وعلى مدار أيام عدة، حاول موقع "الاقتصادي" الحصول على رأي وزارة المالية وتحديدا دائرة الجمارك والمكوس وضريبة القيمة المضافة حول هذا الموضوع، لكن المحاولات باءت بالفشل، وسيقوم الموقع بنشر رد وزارة المالية في حالة وروده.