إليسا فريحة: السعوديات هنّ الأقوى في هذا المجال
– حدّثينا عن إليسا فريحة المتعدّدة الوجوه: المرأة وسيدة الأعمال والمناضلة في مجال تمكين المرأة وعاشقة الموضة؟ تحمل كل امرأة وجوهاً متعدّدة. وأنا لست مختلفة عن باقي النساء. كنت وما زلت محظوظة لأنني محاطة بدعم كبير منحني الثقة بالنفس كي أحقق ذاتي وأُظهر وجوهي المتعددة للآخرين. لطالما كنت امرأة مبدعة، ولطالما اهتممت بإدارة الأعمال، لكنني عندما أسّست WOMENA وانتقلت إلى مجال التمويل بدون أي معرفة سابقة مبنّية على شهادة علمية، صقلتُ نفسي بالقراءة والاطلاع على الخبرات، معتمدةً على عزيمتي القويّة لإثبات ذاتي كامرأة خبيرة في مجال الأعمال، ثم غصتُ أكثر فأكثر في مجال تمكين المرأة، ووجدت نفسي فيه. لم تكن WOMENA مجرّد شركة، وإنما تحوّلت إلى قضية إنسانية نسائية. أنا سعيدة بأن صوت هذه القضيّة لاقى آذاناً صاغية لدى الكثيرين، وأبرزهم المصمّم إيلي صعب في مبادرته Girl Of Now ودور أخرى مثل Dior وBurberry وRalph Lauren وCartier . إن التعاون مع دور أزياء كبيرة يؤكد أن رسالتنا ستصل إلى جمهور أكبر وتروي قصص نساء بأسلوب مختلف.
– اختارتكِ مجلة «آربيان بيزنس» الأميركية في المرتبة 17، ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم دون سنّ الأربعين، لما لشركتك من دور رائد في مجال الاستثمار في القطاع الاقتصادي. هل يرضي ذلك طموحك كسيدة أعمال؟ إنه لشرف كبير لي أن أكون ضمن لائحة النساء المؤثّرات حول العالم، والأهمّ هو تسخير هذا الاختيار لمزيد من النجاح في مجال تمكين المرأة. أن تكون أي امرأة منا في هذه اللائحة، فذلك يمنحها قوّة وتأثيراً كي تجعل العالم من حولها أفضل. أريد أن أغيّر وجه المرأة في عالم الأعمال في الشرق الأوسط، وأن أشقّ طريقاً تتبعني فيه نساء شابات أخريات. وكلّ تكريم يصبّ في مصلحة هدفي هذا.
– مَن مِن سيدات الأعمال العربيات تجدين نفسك معجبة بمسارهنّ؟ إن أفضل ما أعطتني إياه WOMENA هو أن أكون محاطة بنساء قويّات فاعلات في مجتمعاتهن أمثال: إلهام القاسم والوزيرة نورا الكعبي وسمر ناصيف وليلى حطيط. هؤلاء النساء ملهِمات، واثقات ومعبّرات عن مواهبهنّ في مجال الإدارة والأعمال والاقتصاد، على طريقتهن الخاصة.
– ماذا عن مؤسسة Womena، كيف انطلقت فكرة تأسيسها وما هي أهدافها؟ والأهمّ ماذا حققت حتى اليوم؟ وإلامَ تصبو؟ إنطلاقة WOMENA كانت ولم تزل لتمكين المرأة وتأمين الاستثمارات لأعمالها. الفكرة تكمن في استثمار نساء في أعمال جديدة ومشاريع ناشئة في الشرق الأوسط. لقد وظّفنا خلال السنوات الثلاث الماضية، أكثر من 700 ألف دولار أميركي في 7 شركات، ونلنا جوائز عدّة على خدماتنا هذه. أحبّ العمل عن كثب مع شابات لتمكينهن في مجال الأعمال، وكذلك أعشق دورنا في فتح الأبواب أمام المرأة للمشاركة في الإنماء الاقتصادي في المنطقة. وأجدني متحمّسة جداً للعب WOMENA دوراً أكبر فتصبح الصوت الأول لسيدات الأعمال في المنطقة، ولاحقاً في العالم. لقد أثمرت جهود WOMENA التي تتخّذ من الإمارات العربية المتّحدة مقرّاً لها، انخراط المزيد من النساء في الأعمال والمجالس، وولادة رائدات أعمال متموّلات، وبالتالي جعلت الاقتصاد أقوى وأكثر شمولاً.
– ماذا أعطتك الإمارات؟ لقد منحت دولة الإمارات العربية WOMENA كل شيء، وقدّمت لها الدعم.
– كونك حفيدة سعيد فريحة، ما الذي ورثته عن جدّك الصحافي الرائد مؤسِّس دار الصيّاد؟ ألم تستهوك الصحافة كما فعلت بوالدك بسام فريحة؟ وألم تفكري يوماً في امتهان الصحافة لترثي إمبراطورية دار الصياد؟ بالطبع، استهوتني الصحافة في مرحلة من مراحل حياتي، عندما كنت بعد طالبة على مقاعد الجامعة. لكنني اكتشفت لاحقاً أن الصحافة ليست لي رغم أنني أحترم كثيراً هذا المجال. لقد كان ولا يزال اهتمامي منصبّاً على التغيّرات التي شهدتها صناعة الصحافة أخيراً والتحوّلات التي أدخلتها التكنولوجيا عليها. من هنا، رأيت نفسي أكثر كمديرة إبداعية في الدار. دار الصيّاد مؤسسة لها تاريخ في لبنان والمنطقة، خصوصاً أنها تأسّست في السنة نفسها التي حصل فيها لبنان على استقلاله. وكان من الصعب عليّ كشابة متخرّجة للتوّ في الجامعة أن أُحدِث تغييرات في مؤسسة عريقة كهذه لها قواعدها وأُسسها. وقد أردتُ أن أُطلق شركتي الخاصّة، وكانت عائلتي داعمة لقراري هذا. وأنا فخورة بأن مثابرتي على العمل قد جعلت من WOMENA قصّة نجاح اليوم. إنها بشكل أو بآخر «دار الصيّاد الخاصّة بي»، صوت شاب وعصريّ ينادي بتمكين المرأة.
– ماذا أخذت عن والدك وجدّك؟ لقد ورثت عن آل فريحة روح الريادة في الأعمال وحبّ التواصل وعشق سرد الأخبار والعطاء اللامحدود… كذلك ورثت عنهم شكل الحاجبين.
– وكيف استخدمت خبرة الأسرة في مجال الإعلام، لنجاحك في مجال الأعمال؟ لقد تعلّمت من عائلتي أهمية تأثير وسائل الإعلام في العالم، وقوّة التأثير. صحيح أنني لا أعمل مباشرةً في مجال الإعلام، لكنني أعرف تماماً كيف أدير العلاقات العامة في شركتي. وقد كان ذلك مفيداً جداً ليس فقط لـWOMENA وإنما لكل الشركات التي نستثمر فيها. بصفتي أتحدّر من عائلة فريحة فقد تعلّمت كيف أتعاطى مع الأشخاص بحنان وصبر، وهذه صفات فريدة في عائلتنا تغيب عادة عن عالم الأعمال.
– هل تفكرين في توسيع نشاطاتك الى دول كبرى على خريطة الاقتصاد العربي مثل السعودية، خصوصاً أن السعوديات من النساء العربيات الرائدات في مجال الأعمال؟ بدون شك. النساء السعوديات هنّ الأقوى عالمياً في مجال الأعمال. أستمتع كثيراً بأسفاري إلى جدّة والرياض حيث تعمّقت في عالم هؤلاء النساء المؤثّرات في مجال الاقتصاد. هناك عدد كبير من سيدات الأعمال الرائدات في المملكة العربية السعودية اللواتي تركن أثراً كبيراً في الاقتصاد العالمي، أمثال لبنى العليّان والأميرة لميا بنت ماجد آل سعود وغيرهما. وطموحنا أن تسلّطWOMENA الضوء على هؤلاء النساء ودورهنّ في المنطقة.
– هل يمكن المرأة أن تساعد في تمكين امرأة، في ظلّ ما بات يُعرف اليوم بـ «قتل» المرأة لنجاح المرأة الأخرى، بمعنى أن المرأة أثبتت أنها أكبر عدو للمرأة، في صراعات النساء على المناصب والمراكز في كلّ المجالات. ما رأيك؟ من خلال خبرتي، يمكنني القول إن النساء لطالما دعمن بعضهن البعض. عندما انطلقنا في مؤسسة WOMENA اتّضح لنا أن نساءً كثيرات كنّ مستعدّات لمدّ يد العون للشابات الصغيرات اللواتي يرغبن في تأسيس أعمالهنّ الخاصة. لقد بات للنساء دور ريادي في الأعمال لأنهنّ قادرات على تحقيق المزيد من الإنجازات.
– هل تؤمنين بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة؟ أؤمن بالمساواة في الفرص والحقوق بين الرجال والنساء، شرط أن يتم ذلك على أساس الاحترام المتبادل.
– أيّ علاقة تربطك بإيلي صعب؟ إيلي صعب مبدع عبقريّ، ألهم العالم أجمع، من خلال تصاميمه التي تحتفل بالأنوثة وتُظهر عظمة المرأة وقوّة شخصيّتها. أختار تصاميمه الراقية منذ قرابة الـ 15 عاماً. ولطالما شعرت كلبنانية بفخر كبير لأن المبدع إيلي صعب لبناني أيضاً. أتذكّر أنه في عيد ميلادي الثامن عشر، رغبت أكثر ما رغبت بفستان من تصميم إيلي صعب فأهدتني عمّتي إياه، ولا أزال أحتفظ به وأرتديه حتى اليوم. صحيح أن مجالينا مختلفان، لكننا نتشارك مصدر الإلهام نفسه: المرأة العربية القوية.
– ماذا عن مبادرة Girl Of Now، كيف كانت الانطلاقة وما الهدف منها؟ قرر فريق إيلي صعب التعاون معنا في مبادرة Girl Of Now، لأننا نتشارك رسالة الاحتفال بقوة المرأة العربية. إن هذه المبادرة ترتكز على إيجاد النساء الرائدات في عالمنا اليوم ومنحهنّ المنبر لإلهام رائدات الغد. لقد أطلقت هذه المبادرة في شهر نيسان/أبريل في دبي وشاركت فيها 25 امرأة ملهمة من دول الخليج العربي. واللافت أن هؤلاء النساء لا يعشقن جميعهن الأضواء، لذلك اجتمعن لإقامة حوار خاص وصريح تشاركن فيه قصصهن وحاجتهن إلى نقل خبراتهن.
– هل بات تمكين المرأة رسالتك وشغفك في الحياة؟ عند إطلاق WOMENA تفاجأت بالإنجازات الضئيلة التي حقّقتها النساء في مجال الأعمال في العالم العربي. ووجدت أن هناك الكثير لفعله، لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة. دورنا هو في إظهار قوة المرأة العربية بعيداً من الأفكار السائدة عنها في الغرب. وقرّرت أن أتحدث بصراحة عن أفكاري وخبرتي وأحلامي ومخاوفي، لأن قلّة من الأشخاص يتجرأون على البوح بالحقيقة.
– ما علاقتك بالموضة؟ وهل أنت من عشاقها؟ أعشق الموضة، وهي جزء من شخصيتي وإبداعي. أحب خلط العديد من التصاميم بطريقة غير اعتيادية، وهو ما يميّز أسلوبي في الملابس. أحب اعتماد الطلّة السوداء الكاملة والطلّة المطبّعة بالنقوش الملوّنة والطلاّت الـ Vintage. أختار ملابسي وفقاً لمزاجي على أن تُشعرني بالارتياح طوال الوقت، وقد أكسر بعض القواعد السائدة، لأن قواعد الموضة وُلدت لتُخرق.
– ما هي دور الأزياء المفضّلة لديك؟ ومن هم المصمّمون الذين تفضّلين أعمالهم؟ دار إيلي صعب هي من دون شك دار الأزياء المفضلة عندي. أحب خلط الألوان والأقمشة والأشكال التي تقدّمها دار Etro ، ومع انضمام المديرة الإبداعية الجديدة ماريا غراتسيا كيوري إلى دار ديور Dior، أحببت الرسائل القويّة التي تحاول إيصالها من خلال التصاميم. كما تلفتني تصاميم دار غوتشيGucci بإدارتها الجديدة. أحبّ أيضاً تصاميم مانيش أورورا الحالمة، وروكساندا إيلينتشك بقصّاتها الهندسية التي تناسب جسمي.
– ماذا عن تشجيع الاستثمار في مواهب نسائية في مجال الموضة؟ أدعمُ المصمّمات من النساء المحليات قدر المستطاع من خلال شراء تصاميمهن والترويج لمنتجاتهن. أنا فخورة بدعم مبدعات شرقيات مثل ستوديو «بقجة» ومجوهرات نور فارس ومجوهرات نادين قانصو «بالعربي»، وفساتين زينة بريسلي.
– خبرتك في الحياة، ماذا علّمتك؟ تعلمتُ أن أرفع صوتي عندما أصادف خطأً، وأن أثق دائماً في حدسي. كذلك تعلمتُ أن أشارك الآخرين نجاحاتي وإخفاقاتي.
– نصيحة يمكن أن تُسديها للمرأة المبتدئة في مجال الأعمال؟ لا تخافي من خوض المغامرة. قد يبدو الأمر صعباً في البداية، لكن عليك المضي قُدماً. لا تدعي الخوف يشلّك، ولا تحاولي أن تكوني مثالية، لأن ما من شيء مثالي. قومي بالخطوة الأولى، والخطوات الأخرى ستليها بطريقة طبيعية.