منذ 7 سنوات
هل يمكن لإعلانات فيسبوك أن تصنع الرأي العام؟
حجم الخط
شبكة وتر- حتى اليوم، يمكن لأي شخص لديه حساب على شبكة فيسبوك ويملك بطاقة الدفع البنكية (Credit card) أن ينشئ إعلانا ذا طابع عام أو سياسي يستهدف به دولة معينة أو عدة دول، ويضع أي ميزانية يريد دفعها، ويبدأ الإعلان بشكل فوري، بل وستساعده فيسبوك على استهداف المهتمين بالسياسة في تلك الدولة.
أما إن كان الإعلان يستهدف المهتمين بالسياسة في الولايات الأميركية المتحدة تحديدا، فإن فيسبوك تساعد المعلِن أكثر، وذلك عبر إتاحة استهداف الحسابات التي يميل أصحابها إلى توجهات سياسية معينة، فقد قام فيسبوك بتقسيم تلك التوجهات إلى خمسة أقسام هي: ليبرالي، ليبرالي للغاية، معتدل، محافظ، محافظ للغاية. وبذا يمكن استهداف كل مستخدم لفيسبوك برسالة إعلانية مناسبة لتوجهه السياسي.
كيف تؤثر إعلانات الشبكات الاجتماعية على الرأي العام؟
يتميز الإعلان على مواقع الشبكات الاجتماعية عن غيره من الإعلانات (سواء منها إعلانات اللوحات في الطرق أو إعلانات التلفاز وغيرها) بقابلية تحديد واختيار الأشخاص المستهدفين بشكل دقيق. فهذه المواقع تعرف اهتماماتك عبر تتبع كل نقرة وتعليق ومشاهدة ومتابعة وصداقة لديك عليها، ثم تقوم بتجميع وترتيب هذه المعلومات وتعرضها لمن أراد استخدامها في الإعلان عبرها بمقابل مادي.
يقوم المُعلن بعدها بتجهيز الرسائل الإعلانية التي يريد طرحها أمام كل شخص تنطبق عليه مواصفات الشخص المطلوب استهدافه والتأثير به، سواء كان ذلك لترسيخ إيمانه بفكرة معينة أو لتشكيكه بها، أو تغيير قناعته بفكرة أو حتى لتأييد مرشح على حساب آخر خلال مواسم الانتخابات.
فإذا توافرت، مع تقنية الاستهداف هذه، مادة إعلامية مقنعة وواضحة تم تخصيصها لتناسب أفكار شخص معين، وكانت جزءا من حملة منظمة تستهدف عددا كبيرا من المستخدمين، فإن تأثيرها يكون مرتفعا جدا مقارنة بأي حملة أخرى. وبقضاء العديد من المستخدمين لساعات طويلة على شبكات مواقع التواصل الاجتماعي، فإن فرص تأثرهم بالحملات الدعائية تزداد.
وتجدر الإشارة إلى أن أهم المواقع الإلكترونية التي توفر خدمة الإعلان مثل فيسبوك وغوغل وتويتر، لا تعطي ولا تبيع المعلومات الشخصية الخاصة بأي من مستخدميها -وذلك طبقا لما تعلنه- لكنها تتيح للمعلنين استخدام تصنيفاتها فقط دون الاطلاع على تفصيلاتها، وبذا يقوم المعلن بالدفع لهذه المواقع عند كل حملة ينفّذها.
كيف أثرت الإعلانات على الانتخابات الأميركية؟
قالت فيسبوك في سبتمبر/أيلول الماضي إنها تعتقد أن روسيا اشترت ثلاثة آلاف إعلان يثير الانقسام في الولايات المتحدة وذلك على شبكة فيسبوك تحديدا، وتم ذلك خلال الأشهر التي سبقت انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني وبعدها.
وهنا لا نناقش التعدي القانوني الخاص بالتدخل الانتخابي من دولة على أخرى من عدمه، فهو أمر قانوني قضائي معقد. لكن غير القانوني بشكل واضح هو القرصنة التي تمت على خوادم الانتخابات الأميركية.
فقد نشرت عدة وسائل إعلام عن وجود تحقيقات في قيام جهات روسية بتنفيذ عملية قرصنة لخوادم مرتبطة بالانتخابات الأميركية، ويعتقد أن هذه المعلومات قد تمت الاستفادة منها في الحملة الإعلانية لصالح أحد المرشحين.
"
توفر فيسبوك للمُعلِن إمكانية تحميل قوائم بريد إلكتروني معينة ومن ثم توجيه الحملة الدعائية لتستهدف هؤلاء تحديدا دون غيرهم
"
وفي حال كانت الجهة التي نفذت القرصنة هي نفسها من استخدمها في الحملة الدعائية، أو كانت الجهتان قد تعاونتا معا، فإن هذا يشكل إضافةً فارقةً من الناحيتين القانونية والنوعية.
ففي حال استخدام قوائم الناخبين المقرصَنة، والتي تتضمن معلومات مثل البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف، فإن فيسبوك يوفر للمُعلِن إمكانية تحميل هذه القائمة، ومن ثم توجيه الحملة الدعائية لتستهدف هؤلاء الناخبين تحديدا دون غيرهم، وإذا ما أضفنا معلومة التوجه السياسي التي توفرها فيسبوك، يصبح لدينا معلومات كافية لأفضل حملة دعاية انتخابية، خاصة إذا ما اقترنت بأخبار من النوع ذي العناوين البراقة والجذابة.
هذا الوضع هو ما دفع شركة فيسبوك للإعلان عن عزمها تسليم الإعلانات المشبوهة للسلطات الأميركية، وتعيين مئات الموظفين الجدد لمراجعة الإعلانات وضمان استيفائها للشروط، وضمان شفافية أعلى للإعلانات السياسية، وتنفيذ مراجعة للسياق الذي تم خلاله شراء الإعلان والجمهور الذي يستهدفه، وذلك ضمن إطار الجهود لردع روسيا وغيرها من الدول عن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي للتدخل في انتخابات دول أخرى.