إسرائيل وانفجار بيروت.. بين الشماتة والمساعدة وفرضيات التآمر وسؤال عن حيفا
شبكة وتر- نفت إسرائيل على المستوى الرسمي ضلوعها في انفجار مرفأ بيروت، وقالت إنها عرضت على لبنان مساعدات إنسانية وطبية عاجلة، غير أن كثيرا من التعليقات الإسرائيلية تنضح بمواقف مختلفة، خاصة على ضوء فرضيات بشأن علاقة إسرائيل بما وقع.
وقد أصدر وزيرا الدفاع والخارجية الإسرائيليان بيني غانتس وغابي أشكينازي بيانا مشتركا جاء فيه أن إسرائيل توجهت إلى لبنان "عبر جهات أمنية وسياسية دولية وعرضت مساعدة إنسانية وطبية".
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه كلف مستشاره للأمن القومي بالاتصال بالمنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف "لاستيضاح كيفية تقديم إسرائيل مزيدا من المساعدة للبنان".
وقال الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين "نتشارك آلام الشعب اللبناني ونعرض بصدق المساعدة في هذه الأوقات العصيبة".
وجاء في تغريدة للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالعربية "تتمتع إسرائيل بخبرة كبيرة في هذه المجالات وأثبتت ذلك خلال بعثات إغاثة إنسانية عديدة في أنحاء العالم بالسنوات الأخيرة. إنه الوقت لوضع جميع الصراعات جانبا".
النفي والشماتة
في الوقت نفسه أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن إسرائيل تنفي كليا ضلوعها في انفجار بيروت.
وصرح وزير الخارجية غابي أشكينازي في حديث للقناة 12 الإسرائيلية بأن الانفجار "يبدو حادثا" وأنه "لا مجال لعدم تصديق الأنباء الواردة من بيروت بهذا الخصوص".
من جهة أخرى، أبرزت وسائل إعلام إسرائيلية تعليق العضو السابق في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) موشيه فيغلين الذي قال عبر مواقع التواصل الاجتماعي "مسموح لنا أن نفرح بأن هذا الانفجار وقع في بيروت وليس في تل أبيب. وهذا شأن أخلاقي قبل كل شيء".
وفي منشور آخر كتب فيغلين "على شرف عيد الحب اليهودي حظينا بعرض ناري مذهل في مرفأ بيروت. هل تصدقون حقا أن هذا كان مجرد مستودع عشوائي للوقود؟ ألا تدركون أن هذا الجحيم كان يفترض أن ينزل علينا في شكل زخات من الصواريخ؟".
وكرر كلامه في حديث لإذاعة 103 المحلية العبرية قائلا "بافتراض أن الانفجار ناتج عن صواريخ فمن الجيد أنه تفجر لديهم وليس في تل أبيب، ومسموح لنا جميعا أن نفرح على الأقل، لأنه تفجر في ميناء بيروت وليس في تل أبيب".
موشيه فيغلين (وسط) العضو السابق في الكنيست (رويترز)
وسأله المذيع عما إذا كان يلمح إلى وقوف إسرائيل وراء الانفجار "في الوقت الذي علينا أن نكون حكماء ونهرب من ذلك"، فقال فيغلين -الذي نافس نتنياهو سابقا على زعامة حزب الليكود- "مطلقا لا أوافقك الرأي. حتى من الناحية التكتيكية لأنه إذا كنا نحن بالفعل (وراء الهجوم) وعلى فرض أننا نحن من فعل ذلك وهذا ما أتمناه، فعلينا المفاخرة بذلك وخلق ميزان ردع، لأنه حين نتهرب من قول إننا من فعل ذلك نضع أنفسنا في الجانب الظلامي من الأخلاق، لأنه ليس هناك ما هو أخلاقي أكثر من مثل هذا العمل".
يذكر أن انفجار بيروت الذي خلّف عشرات القتلى وآلاف الجرحى والمشردين جاء بعد أسبوعين من تصاعد التوتر على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حيث استنفرت إسرائيل قواتها تحسبا لعمل محتمل تعهد حزب الله اللبناني بتنفيذه ردا على مقتل أحد عناصره في سوريا جراء قصف يعتقد أنه إسرائيلي.
عمليات دون توقيع
ورأى معلقون ومتابعون للشأن الإسرائيلي أن إعلان السلطات اللبنانية أن سبب الانفجار هو 2750 طنا من نترات الأمونيوم التي كانت مصادَرة ومخزنة بالميناء منذ ست سنوات، لا يعني استبعاد فرضية ضلوع إسرائيل في الأمر.
وقال صالح النعامي الباحث في الشأن الإسرائيلي في تغريدات عبر تويتر إن "النظام السياسي والجهاز البيروقراطي اللبناني يتحمل (يتحملان) المسؤولية عن انفجار بيروت لسماحه (لسماحهما) بتكديس مواد متفجرة على هذا النحو، لكن هذا لا يكفي لنفي فرضية مسؤولية إسرائيل عن الحادث، فيمكن الافتراض أن إسرائيل علمت بوجود هذه المتفجرات ووجدت السبيل لإشعالها لخلط الأوراق".
وأشار إلى أن غزة شهدت خلال العقد الأخير انفجارات غامضة تم تفسيرها على أنها انفجارات عرضية لصعوبة إثبات عكس ذلك، لكن مصلحة إسرائيل فيها كانت واضحة، مضيفا أن إسرائيل تطلق على هذا النوع "عمليات دون توقيع".
وذكر النعامي نقلا عن صحيفة إسرائيلية أن إسرائيل زادت بشكل كبير الموازنات المخصصة لشعبة العمليات التابعة لجهاز الموساد، وأوضح أنها "الشعبة المسؤولة عن العمليات التي تنفذ دون توقيع، حتى لا تظهر مسؤولية إسرائيل عنها".
في السياق نفسه، قال الكاتب ياسر الزعاترة عبر تويتر إن قبول رواية مستودع الأمونيا "لا يستبعد الأصابع الصهيونية، إذ يبقى سر التفجير مطروحا".
ورأى أن "الصهاينة يريدون مزيدا من التأزيم لحزب الله، وما جرى يخدم هذا التوجه، وسيأتي تاليا قرار المحكمة الدولية بشأن اغتيال الحريري".
ومن المقرر أن تصدر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان يوم الجمعة المقبل حكمها في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005 والتي يحاكم فيها غيابيا أربعة متهمين تقول المحكمة إنهم ينتمون لحزب الله.
تعليق ترامب
من ناحية أخرى، كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب حاضرا في التعليقات الإسرائيلية على انفجار بيروت، إذ قال المعلق الإسرائيلي بن يشي إن ترامب أضر كثيرا بإسرائيل حين قال إن الانفجار هجوم مدبر.
وقد صرح الرئيس الأميركي بأنه تحدث مع عدد من المسؤولين العسكريين الذين قالوا له إن "انفجار بيروت يبدو أنه ناجم عن قنبلة من نوع ما، وأنه يبدو اعتداء".
غير أن شبكة "سي إن إن" الأميركية نقلت عن مسؤولين بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قولهم إنه لا يوجد ما يشير إلى أن انفجار بيروت هجوم مدبر، وإنهم لا يعرفون عما يتحدث الرئيس.
حيفا ونصر الله
من جهة أخرى، اتجهت أنظار البعض في إسرائيل إلى ميناء حيفا، وأبدوا مخاوفهم من حدوث كارثة مماثلة هناك بسبب وجود مخازن كبيرة لمواد كيميائية.
وقالت عضو الكنيست عن حزب الليكود غيلا غاملئيل لإذاعة 104 المحلية "علينا أن نزيل المواد الكيميائية الخطيرة من ميناء حيفا".
وكذلك قال الصحفي إيلي ليفي للإذاعة نفسها إن "كل من يشاهد ما حدث في بيروت، يفهم أن هذا قد يحدث هنا أيضا في ميناء حيفا". وأضاف "لدينا خزانات وقود ضخمة وخزان من البروم والأمونيا".
ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن مركز حيفا للأبحاث البيئية أن هناك 1500 منطقة خطر في ميناء حيفا، و800 نوع من المواد الكيميائية الخطرة في الميناء، "في المصانع قرب غرف نومنا".
وأضاف المركز أن حادث بيروت يوضح خطورة تركز المواد الخطرة قرب الكثافة السكانية ويؤكد الحاجة الملحة لإغلاق الصناعات القابلة للاشتعال.
وفي سياق المقارنة بين بيروت وحيفا، جرى تداول مقطع فيديو قديم للأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله من عام 2016 يتحدث فيه عن قدرة الحزب على ضرب مخازن الأمونيا في ميناء حيفا.
وقال نصر الله إن "بعض الصواريخ من عندنا بالإضافة إلى حاويات الأمونيا في ميناء حيفا نتيجتهم نتيجة قنبلة نووية… بمنطقة يسكنها 800 ألف نسمة يُقتل منهم عشرات الآلاف".