توتر قره باغ.. استمرار المعارك الدامية وأردوغان يجدد دعمه لأذربيجان
شبكة وتر- تواصلت المعارك الدامية بين القوات الأذربيجانية والانفصاليين الأرمن في ناغورني قره باغ، وبينما دعت العديد من الدول إلى الهدوء، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقوف بلاده إلى جانب أذربيجان.
وقد أعلنت السلطات الانفصالية في أقليم ناغورني قره باغ أن 26 من عسكرييها قتلوا مساء الاثنين في المعارك ضد القوات الأذربيجانية، لترتفع بذلك حصيلة خسائرها البشرية منذ اندلاع المواجهات الأحد إلى 84 قتيلا.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأرمنية أرتسرون هوفهانيسيان إنّ القوات الأذربيجانية شنت مساء الاثنين "هجوما كبيرا على القطاعين الجنوبي والشمالي الشرقي من حدود قره باغ".
وبالمقابل، أعلنت النيابة العامة الأذربيجانية أن مدنيين قتلا مساء الاثنين في قصف شنّه الانفصاليون الأرمن.
وبذلك ترتفع الحصيلة الأولية لضحايا المعارك إلى 95 قتيلا بينهم 11 مدنيا: 9 في أذربيجان و2 في الجانب الأرمني.
ولم تعلن أذربيجان عن حصيلة قتلاها العسكريين، لكن وزارة الدفاع الأرمنية قالت إن قواتها صدت هجمات للقوات الأذربيجانية وكبدتها خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، مشيرة إلى مقتل أكثر من 370 عسكريا أذريا وجرح العشرات، وتدمير 22 دبابة و10 آليات.
واتهمت أرمينيا تركيا بالتدخل المباشر في القتال إلى جانب أذربيجان، في حين يعقد مجلس الأمن الدولي غدا اجتماعا طارئا مغلقا لمناقشة التطورات في الإقليم.
وقالت وزارة الدفاع الأرمينية إن قوات أذربيجان تشن هجوما كبيرا عبر المحور الجنوبي لإقليم ناغورني قره باغ المحاذي لنهر أراكس على حدود إيران، والمحور الشمالي الشرقي من الإقليم.
وأضافت الوزارة إن القوات الأذربيجانية قصفت بالمدفعية الثقيلة ستيبانكيرت عاصمة إقليم ناغورني قره باغ والقرى المحيطة بها.
وأكدت سلطات إقليم ناغورني قره باغ -غير المعترف بها دوليا- استعادة القوات الأرمينية السيطرة على مواقع حيوية كانت قد سيطرت عليها قوات أذربيجان أمس، كما أعلنت ارتفاع عدد قتلى الجنود الأرمينيين في المواجهات إلى 59. ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن ممثل لوزارة الدفاع الأرمينية قوله إن 200 أرميني أصيبوا.
ونقلت وكالة رويترز عن أنجيلا فرانجيان، وهي صانعة أفلام وثائقية في الإقليم المتنازع عليه، أن السكان لجؤوا للمخابئ، وإن أصوات القصف مسموعة باستمرار، مشيرة إلى أن كل المتاجر أغلقت وأصبحت الشوارع مهجورة.
وأكد مراسل الجزيرة إيقاف الرحلات الجوية من وإلى مطار العاصمة الأذرية باكو بسبب إعلان حالة الحرب في البلاد، كما كشف عن أن السلطات الأرمينية أغلقت الطريق المؤدي إلى الجزء الشمالي من إقليم ناغورني قره باغ.
تركيا في قلب الحدث
واتهم الرئيس الأرميني أرمين ساركسيان تركيا بدعم القوات الأذربيجانية في عملياتها العسكرية في الإقليم، بمقاتلات إف 16 (F16)، ومرتزقة ومستشارين عسكريين وطائرات مسيرة، وهو ما نفته سلطات باكو. وأضاف ساركسيان في تصريحات صحفية أن تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) أيضا تساعد أذربيجان بطائرات مسيرة وبخبراء لشن هجمات سيبرانية.
وأشار ساركسيان إلى أن النزاع في إقليم قره باغ يمكن حله عن طريق العودة للحوار في إطار مجموعة مينسك، وذلك بمشاركة روسيا والولايات المتحدة وفرنسا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي تتبع لها مجموعة مينسك.
وندد برلمان أرمينيا اليوم بما وصفه بأنه "هجوم عسكري شامل" من أذربيجان على ناغورني قرة باغ، وقال إن تدخل تركيا التي تساعد باكو في الأزمة يهدد بزعزعة استقرار المنطقة، وهدد السفير الأرميني لدى موسكو فاردان توغانيان بأن بلاده ستستخدم صواريخ إسكندر (Iskander) الروسية إذا بدأت تركيا استخدام طائرات إف 16 في إقليم ناغوزني قره باغ.
في المقابل، ندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بما وصفه باعتداء أرمينيا على الأراضي الأذربيجانية، وقال إن أنقرة تقف بكل إمكانياتها إلى جانب باكو.
وأضاف "ستواصل تركيا الوقوف إلى جانب البلد الشقيق والصديق أذربيجان من كل قلبنا وبكل الوسائل"، مشجعاً باكو على "الإمساك بزمام الأمور".
وشدد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار على وقوف بلاده إلى جانب أذربيجان، مطالبا أرمينيا بسحب من وصفهم بالمرتزقة والإرهابيين.
الرواية الأذرية
وقالت الناطقة باسم الخارجية الأذرية إن قوات بلادها "استعادت 7 قرى من القوى الأرمينية"، مؤكدة أن ما تقوم بلادها به رد على ما سمتها الحرب الجديدة التي بدأتها أرمينيا، وأضافت المتحدثة أن أرمينيا لم تستطع تحقيق أهدافها، وقالت إنه لا سلام قبل انسحاب قوات أرمينيا من المناطق التي احتلتها، على حد وصفها.
ووقع رئيس أذربيجان إلهام علييف مرسوما ببدء التعبئة العسكرية الجزئية في البلاد، على خلفية المعارك مع أرمينيا في إقليم قره باغ، وتبادل الطرفان الاتهام بالمسؤولية عن بدء القصف أمس الأحد.
ونقلت وكالة الأناضول اليوم عن مصادر أمنية أذرية قولها إن قوات أذربيجان قصفت أكثر من 400 هدف أرميني، وتمكنت من تدمير أكثر من 10 من أنظمة الدفاع الجوي، ونحو 20 عربة مصفحة، تابعة للجيش الأرميني في الإقليم.
مجلس الأمن
وفي سياق متصل، قالت مصادر دبلوماسية لوكالة الصحافة الفرنسية إن مجلس الأمن الدولي سيعقد غدا الثلاثاء اجتماعا طارئا مغلقا يناقش فيه التطورات في إقليم ناغورني قره باغ.
وأوضحت المصادر نفسها أن هذه المبادرة قامت بها ألمانيا وفرنسا، وتحظى بتأييد دول أوروبية أخرى هي إستونيا وبلجيكا وبريطانيا.
ومثل روسيا، دعت وفرنسا والولايات المتحدة وفرنسا وإيران إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وتتزامن المعارك في الإقليم المتنازع عليه مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتثير مخاوف من حرب واسعة النطاق بين أذربيجان وأرمينيا في جنوب القوقاز، حيث تتنافس أنقرة وموسكو. وعرضت كل من روسيا وإيران الوساطة بين يريفان وباكو لتسوية النزاع حول الإقليم المتنازع عليه.
وبموجب القانون الدولي، يعد إقليم ناغورني قره باغ جزءا من أذربيجان، لكن الأرمن -الذين يشكلون الأغلبية العظمى من سكانه- يرفضون حكم باكو. ويدير الإقليم شؤونه الخاصة بدعم من أرمينيا منذ انشقاقه عن أذربيجان خلال صراع نشب لدى انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991. ورغم الاتفاق على وقف إطلاق النار في 1994 بعد مقتل الآلاف ونزوح أعداد أكبر، فإن الدولتين تتبادلان بشكل متكرر الاتهامات بشن هجمات داخل الإقليم وعلى الحدود بينهما.