يوم الحج الأكبر فضائله ومآثره وخير الدعاء
شبكة وتر-منذ شروق شمس يوم التاسع من ذي الحجة، يبدأ حجاج بيت الله الحرام التدفق إلى صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم، ألا وهو الوقوف بعرفة بعد أن قضوا في مشعر منى يوم التروية.
ويوم عرفة من أعظم أيام الله، تغفر فيه الزلاّت، وتجاب فيه الدعوات، وهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة على المسلمين، وجعله الله كالمقدمة ليوم النحر، ففيه يكون الوقوف والتضرع، والتوبة والمغفرة وإنه لمجمع عظيم، وهو أعظم مجامع الدنيا.
وقد وردت في فضائله ومآثره والأعمال المشروعة فيه -للحاج ولغير الحاج- أحاديث نبوية عديدة.
فضائل يوم عرفة
أفضل الأيام:
وذلك لحديث جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال "أفضل الأيام يوم عرفة" رواه ابن حبان.
وقال عليه الصلاة والسلام "مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ".
اليوم المشهود:
كفى بيوم عرفة شرفا أن الله أقسم به في كتابه، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى "وشاهد ومشهود"، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يوم عرفة، والشاهد يوم الجمعة" رواه الترمذي وحسّنه الألباني.
وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله "والشفع والوتر"، فقال ابن عباس رضي الله عنهما "الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة".
يوم إكمال الدين وإتمام النعمة:
ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: أي آية؟ قال "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" (سورة المائدة: من الآية 3)، قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
وإكمال الدين في ذلك اليوم حصل لأن المسلمين لم يكونوا قد حجوا حجة الإسلام من قبل فكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلها، ولأن الله أعاد الحج على قواعد إبراهيم عليه السلام، ونفى الشرك وأهله فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد.
وأما إتمام النعمة، فإنما حصل بالمغفرة فلا تتم النعمة من دونها كما قال الله تعالى لنبيه "لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ" (سورة الفتح: من الآية 2).
فيه خير الدعاء:
فقال صلى الله عليه وسلم "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" رواه الترمذي.
ومن أسباب الرحمة والمغفرة في يوم عرفة الإكثار من الذكر والدعاء، خصوصًا شهادة التوحيد، فهي أصل دين الإسلام الذي أكمله الله تعالى وأتمه في ذلك اليوم.
صيامه يكفر سنتين:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صيام يوم عرفه أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده" رواه مسلم.
يوم عيد:
يوم عرفة هو من مفاخر المسلمين وأعيادهم، لقوله صلى الله عليه وسلم "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب" رواه الترمذي وأبو داود.
أحد أيام ذي الحجة العشرة:
ويستحب فيها الإكثار من الأعمال الصالحة من صلاة نفل وصيام وصدقة وذكر وغيرها عمومًا، وفي يوم عرفة على وجه الخصوص.
وقال صلى الله عليه وسلم "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخاري.
يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار:
وهو أيضًا يوم المباهاة بأهل الموقف، فما أجلّه من يوم، وما أعظمه من موقف، قال عليه الصلاة والسلام "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء" رواه مسلم.
وقال في حديث آخر "إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول لهم انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثا غبرا" رواه أحمد.
وعلى كل من يطمع في العتق من النار، ومغفرة ذنوبه في هذا اليوم العظيم أن يحافظ على الأسباب التي يرجى بها العتق والمغفرة، وأول هذه الأسباب، حفظ الجوارح عن المحرمات.
الأعمال المشروعة في يوم عرفة
الصيام لغير الحاج:
ورد أن صومه -لغير الحاج- يكفّر الله به السنة الماضية والباقية، والمراد بذلك تكفير صغائر الذنوب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده".
أما الحاج فلا ينبغي أن يصومه حتى يتقوّى على الوقوف وذكر الله تعالى في صعيد عرفات، وهو يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار، والمباهاة بأهل الموقف.
التكبير:
وقد ورد بصيغ متعددة كلها يفي بالمطلوب منها:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.. الله أكبر، والله أكبر، ولله الحمد.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله.. الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد
والأمر في التكبير واسع كما قال أهل العلم والمطلوب إقامة ذكر الله في ذلك اليوم والإكثار منه.
الإكثار من الذكر والدعاء:
لقوله صلى الله عليه وسلم "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" رواه أصحاب السنن.
كما ينبغي الإكثار من التلبية بصوت مرتفع "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد.. والنعمة.. لك والملك.. لا شريك لك".
أيضًا يجب الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستغفار، وينبغي أن يأتي بهذه الأذكار كلها، فتارة يهلل وتارة يكبر وتارة يسبح وتارة يقرأ القرآن وتارة يصلي على النبي وتارة يدعو وتارة يستغفر ويدعو مفردًا، وفي جماعة.
يُستحب الذكر والدعاء في يوم عرفة..
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا.
رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا.