الاحتلال اعتقل أكثر من 3860 في النصف الأول من العام
شبكة وتر- شهد النصف الأول من العام الجاري 2023، تحولات خطيرة على صعيد مستوى الاعتداءات وعمليات التّنكيل والانتهاكات التي طالت كافة مناحي قضية المعتقلين والأسرى، وارتبط هذا التحول بشكل أساسي مع تصاعد العدوان الإسرائيلي، على الشعب الفلسطيني الذي يواصل كفاحه ونضاله، وحقه في تقرير مصيره، وذلك مع وصول اليمين الصهيوني الأكثر تطرفًا لدى الاحتلال سدة الحكم، حيث عملت منظومة الاحتلال الحالية بكافة مكوناتها على تكثيف مستوى الجرائم بحقّ أبناء شعبنا، التي تصنّف غالبيتها ضمن (جرائم الحرب)، وذلك جزء من نظام الفصل العنصري (أبرتهايد) القائم أساسًا، بهدف تقويض الحالة النضالية المستمرة ضد الاحتلال، وشكّلت عمليات الاعتقال، وما رافقها من جرائم وانتهاكات، جزءًا من السّياسات التي عكّست مستوى هذه الجرائم، وما رافقها من عمليات تّحريض بحق الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وما تلا ذلك من تشريعات وقوانين عنصرية، شكلت أبرز أوجه أدوات منظومة الاحتلال الحالية ضد المعتقلين والأسرى، ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى نهاية شهر حزيران 2023، نحو (5000)، منهم بينهم (32) أسيرة، ونحو (160) طفلًا، و(1132) معتقلًا إداريًا.
قراءة في نسبة عمليات الاعتقال وأبرز السياسات والجرائم الثابتة والمتغيرة التي رافقتها رصدت مؤسسات الأسرى عبر نشرة خاصّة النصف الأول من العام الجاري 2023، قراءة عن مجمل الأرقام، وإجمال لبعض السّياسات الثّابتة والممنهجة، وبعض المتغيرات المرتبطة بها، و بشكلٍ أساسي اتخاذها منحى تصاعدي، حيث بلغ عدد إجمالي حالات الاعتقال (3866) حالة اعتقال، وتصدرت القدس النسبة الأعلى من حيث أعداد المعتقلين، حيث بلغت حالات الاعتقال فيها نحو(1800)، فيما بلغ عدد الاعتقالات بين صفوف الأطفال من الإجمالي العام (568) وهذا يشكل زيادة عمّا سُجّل في نفس الفترة من العام الماضي، والنساء (72)، وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ (1608)، وكان أعلى نسبة في عمليات الاعتقال في شهر نيسان/ أبريل، وبلغت (1001) حالة اعتقال.
تؤكد مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز معلومات وادي حلوة – القدس)، أنّ هذه الأرقام مقاربة لنسبة الاعتقالات التي شهدناها في النصف الأول من العام المنصرم 2022، إلا أنّ المتغير لم يرتبط بشكل أساسي بطبيعة الأرقام، وإنما بمستوى الجرائم، والانتهاكات التي رافقت عمليات الاعتقال وتحديدًا (الإعدامات الميدانية، والاغتيالات، والعقاب الجماعي)، التي تركت آثارًا كبيرة على المجتمع الفلسطيني، فيما كان المتغير الأبرز في هذه الأرقام، المتعلقة بمستوى أعداد أوامر الاعتقال الإداري، حيث بلغت هذا العام 2023 كما ذكرنا أعلاه (1608)، بينما كان عددها في النصف الأول من العام المنصرم 2022، (862).
وواصلت منظومة الاحتلال، جملة من الجرائم الثابتة، إلا أنَ بعضها اتخذ منحى تصاعديًا بشكلٍ لافت، وهذا التّصاعد هو امتداد لمستوى التّصعيد الذي نشهده فعليًا منذ العام المنصرم 2022، الذي يعتبر العام الأكثر دموية منذ 20 عامًا، وفي واقع الأمر لم تختلف هذه القراءة مع بداية العام الجاري، واستمر الاحتلال في نهجه، مع استمراره كذلك في استحداث الأدوات لفرض مزيد من السّيطرة والرّقابة على المجتمع الفلسطيني، والمقاومة بشكلٍ عام.
وتركَزت عمليات الاعتقال في المناطق التي تصاعد فيها العمل النضالي والمقاوم، وشهدت بعض المحافظات تحوّل كبير في أعداد المعتقلين، نذكر هنا بشكلٍ أساسي محافظة أريحا، وتحديدًا مخيم عقبة جبر، الذي شكّلت نسبة الاعتقالات متغيرًا كبيرًا فيها، حيث بلغت مجموع الاعتقالات في النصف الأول (201)، وهذه النسبة لم تشهدها محافظة أريحا منذ سنوات طويلة، إلى جانب ذلك ارتبطت عمليات الاعتقال في جنين ومخيمها، ونابلس ومخيمها، بشكلٍ متزامن مع تصاعد المقاومة في المحافظتين، حيث بلغ عدد حالات الاعتقال في جنين ومخيمها (291) مع التأكيد على أنّ هذه النسبة فقط حتى نهاية شهر حزيران/ يونيو، وفي نابلس بلغت (215)، مع الإشارة إلى أنّ هذه نسبة الاعتقالات في هذه المناطق عكست مستوى كثيفًا من الجرائم والانتهاكات إلى جانب حالات الاعتقال، إلا أنها ليست الأعلى من حيث نسبة الاعتقالات في الوطن، حيث بقيت محافظتا القدس والخليل الأعلى من حيث نسبة حالات الاعتقال.
وشكلت جريمة (العقاب الجماعي)، أبرز هذه الجرائم التي عمل الاحتلال بكل ما يملك على التصعيد من استخدامها، تحديدًا فيما يتعلق، باستهداف عائلات الأسرى والمعتقلين والشهداء، والمطاردين.
وإلى جانب عمليات الاعتقال التي استهدفت عائلاتهم بشكل جماعي، واصلت عمليات الاقتحام المتكررة لمنازلهم، والتضييق عليهم بكافة الوسائل، ووصلت إلى حد الإعدام الميداني، عدا عن الخسائر المادية التي خلّفتها قوات الاحتلال في كل عملية اقتحام تنفّذها، واتسعت الجريمة لتشمل قرى، وبلدات، ومخيمات بأكملها، خاصّة البلدات القريبة من البؤر الاستيطانية، حيث شكّلت جرائم المستوطنين بحقّ المواطنين ارتباطًا وثيقًا في عمليات الاعتقال في تلك البلدات، وكانت عملية هدم منازل الأسرى جزءًا من جريمة (العقاب الجماعي)، حيث جرى هدم أربع منازل تعود للأسرى (يونس هيلان، وإسلام الفروخ، وأسامة الطويل، وكمال جوري)، وإلى جانب ذلك فإنّ هذه الجريمة تركت آثارًا نفسية بالغة وخطيرة على عائلات الأسرى والمعتقلين لا سيما الأطفال.
جريمة إطلاق النار على المعتقلين قبل الاعتقال وخلاله: منذ العام المنصرم 2022، وفي النصف الأول من هذا العام، تابعت المؤسسات جريمة إطلاق النار المباشر على المواطنين قبل اعتقالهم، عدا عن اعتقال جرحى بعد إصابتهم بفترات وجيزة من بينهم أطفال، وشكّلت هذه القضية من أبرز القضايا الراهنة، وتركت آثارًا بالغة على واقع الأسرى والمعتقلين في السّجون، خاصّة مع حاجتهم الماسة إلى الرعاية والمتابعة الصحيّة لاحقًا، وكان من أبرز هؤلاء الجرحى (أسامة الطويل، وكمال جوري، وفاطمة شاهين)، وقضية الجريح السابق محمد الزغير الذي يعاني من تشوهات في جسده جرّاء إصابة تعرض لها قبل 20 عامًا، وهو بحاجة إلى رعاية صحيّة حثيثة، ومع ذلك يواصل الاحتلال اعتقاله.
جريمة الاعتقال الإداريّ الشاهد الأبرز على التحوّلات في قضية المعتقلين والأسرى: شكلت جريمة الاعتقال الإداريّ، أبرز الجرائم التي واصل الاحتلال من استخدامها، وكانت المتغير الأبرز الذي ارتبط مع واقع عمليات الاعتقال، فمنذ عام 2003، لم نشهد هذا التصاعد المستمر في أعداد المعتقلين في سجون الاحتلال، وكما ذكرنا أعلاه بلغت عدد أوامر الاعتقال الإداري (1608)، منها (813) أمرًا جديدًا، و(795) أمرًا تجديد لمعتقلين منذ فترات متفاوتة، مع التأكيد على أنّ 80% من المعتقلين الإداريين، هم أسرى سابقون أمضوا سنوات في سجون الاحتلال جلّها رهن الاعتقال الإداري، مع ضرورة الإشارة، إلى أن جيلًا جديدًا بدأت سلطات الاحتلال باستهدافه عبر هذه الجريمة، ويبلغ عدد الإداريين (1132) من بينهم (3) أسيرات، و(18) طفلًا.
مع الإشارة مجددًا إلى أن محاكم الاحتلال الصورية في هذه القضية ساهمت بشكل غير مسبوق في ترسيخ هذه الجريمة، وفي ضوء ذلك يواصل نحو 60 معتقًلا مقاطعة المحاكم كصرخة في وجه هذه الجريمة.
(لنسقط شرعية محاكم الاحتلال بالمقاطعة)
استمرت محاكم الاحتلال بمستوياتها المختلفة، العمل على ترسيخ جريمة الاعتقال الإداري، فكانت ولا تزال أداة من أدوات فرض السيطرة والهيمنة التي تمارسها دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني والأسرى في سجون الاحتلال، تحديدًا فيما يخص موضوع الاعتقال الإداري التعسفي والذي يرقى لجريمة حرب أخرى تمارسها دولة الاحتلال على المعتقلين، وعلى مدار كل تلك السنين، فكانت المحاكم العسكرية للاحتلال محاكم صورية هدفها الأول والأخير تثبيت سياسة الاعتقال الإداريّ كواقع مفروض على المعتقلين وللتنكيل منهم ومن عائلاتهم أيضًا.
على مدى العقود الماضية، خاض المعتقلون الإداريون نضالاً واسعاً ضد سياسة الاعتقال الإداري، شمل مقاطعة المحاكم العسكرية، وفي الأول من كانون الثاني عام 2022 بدأ المعتقلون الإداريون حملةً جماعية ضد الاعتقال الإداري تمثلت في مقاطعة كافة درجات المحاكم العسكرية المختصة بالاعتقال الإداري التعسفي، حيث قاطع معظم المعتقلين الإداريين المحاكم العسكرية من مختلف الأحزاب والتنظيمات واستمرت الحملة حتى شهر أيلول، قبل أن تتوقف لمدة ثلاثة أشهر لإعطاء مهلة لدولة الاحتلال من أجل النظر في موضوع الاعتقال الإداري، وخلال تلك الفترة استمر نحو 80 معتقلًا في مقاطعة المحاكم العسكرية، لا زال 60 معتقلًا منهم يقاطعون محاكم الاحتلال العسكرية المختصة بالاعتقال الإداري بكافة درجاتها.
وفي ضوء كل المعطيات التي تتعلق، بقرارات محاكم الاحتلال وكل مكونات الجهاز القضائي للاحتلال، وتحديدًا فيما يتعلق بالاعتقال الإداريّ، فإنّ مؤسسات الأسرى، تجدد دعوتها لإعادة تقييم مسألة التعاطي مع الجهاز القضائي للاحتلال ككل، وتجديد الدعوة إلى ضرورة تكثيف مقاطعة المحاكم العسكرية للاحتلال بشأن قضية الاعتقال الإداريّ، تحت شعار (لنسقط شرعية الاحتلال بالمقاطعة).
سن تشريعات وقوانين عنصرية: التهديدات التي طالت الأسرى وعائلاتهم على مدار سنوات تحوّلت إلى تشريعات وقوانين ومشاريع قوانين.
مع صعود حكومة اليمين الفاشية والأكثر تطرفًا لدى الاحتلال، عملت منظومة الاحتلال بكافة مستوياتها على سن قوانين وتشريعات عنصرية، تمس مصير الأسرى وعائلاتهم والتي ارتبطت بتهديدات طالت الأسرى وعائلاتهم والمحررون وكذلك الشهداء وعائلاتهم، وكان أبرزها: مشروع (قانون إعدام الأسرى) الذين نفذوا عمليات مقاومة ضد الاحتلال، إضافة إلى (قانون سحب الجنسية والإقامة من أسرى ومحررين مقدسيين) ومن الأراضي المحتلة عام 1948، وتم ربط ذلك بالمخصصات التي تقدمها السلطة الفلسطينية لعائلاتهم، إضافة إلى مشروع قانون يقضي بترحيل عائلات الأسرى و الشهداء، كما تمت المصادقة عليه بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يقضي بحرمان الأسرى على العلاج الذي يندرج تحت توصيف (تحسين جودة الحياة)، و فعليًا أصدر الوزير الفاشي (بن غفير) تعليمات داخلية بخصم أموال من مخصصات "الكانتينا" للأسرى، في حال استخدم الأسير عيادة علاج الأسنان في السجن وعن كل ساعة تم خصم (175) شيقلًا، إلى جانب هذا تم طرح تعديل قانون (مكافحة الإرهاب)، يقضي بعدم تسليم جثامين الشهداء، ومشروع قانون (منع الإفراج المبكر عن الأسير الذي صدر بحقّه حكمًا) على خلفية عمل مقاوم والذي يصنّفه الاحتلال (كعمل إرهابي)، ومشروع قانون يناقش سجن الأطفال الفلسطينيين من عمر 12، بدلًا من إرسالهم إلى مؤسسات (لإعادة التأهيل)، ومشروع قانون آخر يقضي بإعطاء صلاحيات واسعة لوزير الشرطة بفرض اعتقالات إدارية وتقييد الحركة على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، وعدد آخر من مشاريع القوانين التي تمس حياة ومصير الأسرى المحررين، وعائلاتهم تحديدًا في القدس والأراضي المحتلة عام 1948.
في هذا السياق تؤكد مؤسسات الأسرى، أن هذه السلسلة من القوانين والتشريعات والتعديلات ومشاريع القوانين، هي مسار ممتد تصاعد تدريجيًا، إلى أنّ تحوّلت تهديدات اليمين المتطرف على مدار سنوات ماضية إلى واقع تمثل بهذا التحوّل الحالي المرتبط بوصولهم إلى سدة الحكم.