الأورومتوسطي: مصير مجهول لأطفال نقلهم الاحتلال قسرًا من غزة
شبكة وتر- طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إسرائيل بتسليم أطفال فلسطينيين نقلهم الجيش الإسرائيلي قسرًا إلى خارج قطاع غزة في شكل آخر لجريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وحث الأورومتوسطي في بيان له، الثلاثاء، المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته إزاء الجريمة المريعة بخطف أطفال، والتي تأتي في وقت تستمر فيه السلطات الإسرائيلية في الإخفاء القسري لمئات المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة في ظروف غامضة.
وقال المرصد إنه ينظر بخطورة بالغة إلى ما أوردته إذاعة الجيش الإسرائيلي بتاريخ 1/1/2024، عن إقدام ضابط إسرائيلي يدعى "هارئيل إيتاح" -يشغل منصب قائد فرقة في لواء جفعاتي التابعة للجيش- على خطف رضيعة فلسطينية من داخل منزلها في قطاع غزة، بعد مقتل أفراد عائلتها في غارة إسرائيلية، دون تحديد تاريخ الواقعة.
وأشار إلى أنه جرى الكشف عن حادثة الاختطاف من صديق للضابط الإسرائيلي بعد الإعلان عن مقتل الضابط متأثرًا بإصابته في 22/12/2023 خلال اشتباكات في غزة، فيما مصير الطفلة الرضيعة ومكان وجودها لا يزالا مجهولان.
وعبر الأورومتوسطي عن خشيته وقلقه البالغ بألا تكون حادثة الضابط والطفلة الفلسطينية حالة منفردة؛ مؤكدًا أن العديد من الشهادات التي تلقاها تشير إلى قيام الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر باحتجاز ونقل أطفال فلسطينيين دون معرفة مصيرهم لاحقًا.
وأشار أيضًا إلى البلاغات المتكررة التي يتابعها وترده من عائلات فلسطينية فقدت اتصالها بأطفالها، لا سيما في المناطق التي تشهد توغلات برية إسرائيلية.
وشدد الأورومتوسطي على أن خطر ارتكاب الجيش الإسرائيلي لجريمة نقل الأطفال قسرا واخفائهم يزداد مع وجود أكثر من 7 آلاف مفقود فلسطيني، وصعوبة إزالة الركام وتعذر الاتصالات والإنترنت في أغلب قطاع غزة، فضلا عن تشتت العائلات بسبب النزوح القسري، وإبلاغ مئات العائلات الفلسطينية عن فقدان أطفال لهم مع صعوبة التحقق من مصيرهم بسبب استمرار التوغل الإسرائيلي.
وأبرز المرصد في هذا السياق شهادة المعتقل المفرج عنه رشدي الظاظا الذي اعتقله الجيش الإسرائيلي وعائلته قبل شهر من منزله في حي "الزيتون" جنوب مدينة غزة، وتم الإفراج عنه قبل أيام إلى قطاع غزة، فيما بقي مصير زوجته وطفليه مجهولا.
وأفاد "الظاظا" بأن الجيش الإسرائيلي اعتقله مع زوجته "هديل يوسف الدحدوح"، وطفليهما، أحدهما "زين" بعمر 6 أشهر، والآخر "محمد" 4 سنوات، من داخل منزلهما.
وذكر أن الجنود انتزعوا الطفلين من حضن والدتهما وعندما اعترضت قيدوها، واقتادوها معها بعد أن نزعوا حجابها، فيما تم فصلهم عن بعضهم ولاحقا بعد أسابيع أفرجوا عنه دون أن يعلم شيئا عن مصير زوجته وطفليه.
وأضاف "الظاظا" أن الجيش الإسرائيلي أدعى عند خطف طفليه بأن سيجري تحليلا للطفلين بدعوى أنهما يحتمل أن يكون من الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن ارتكاب هذه الجريمة هو أمر محظور بموجب القانون الدولي في جميع الأحوال والظروف، وبغض النظر عن دوافعها أو أسبابها.
وأفاد الأورومتوسطي بأنه تلقى شهادة أخرى من سيدة فلسطينية بأنه وخلال نزوحها من غزة إلى جنوب الوادي، عبر حاجز نتساريم قبل أسابيع، أوقف الجنود الإسرائيليون طفلة بعمر 12 عامًا شقراء الشعر، وأن والديها حاولا اعتراض الأمر، وسمعت الجنود يقولون لهما إن هذه الطفلة سيأخذونها بدعوى أنها من المحتجزين الإسرائيليين، رغم أنها كانت تتحدث باللغة العربية ومعها والديها، مضيفة أنها واصلت المسير ولم تعرف ما حدث مع الطفلة أو والديها.
وأكد الأورومتوسطي أنه يتابع باستمرار بلاغات وإعلانات ينشرها أهالي نزحوا من شمال غزة، أو مناطق التوغل في خانيونس، عن فقدان أطفال لهم، خلال عملية النزوح أو بعد قصف منازل لهم، ويجري نشر هذه البلاغات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي مجموعات واتساب خاصة بالنشطاء والصحفيين على أمل العثور عليهم.
وقال الأورومتوسطي: إن نحو 7 آلاف مفقود، منهم عدة آلاف من الأطفال والنساء، لا يزال مصيرهم مجهولا، ويعتقد أن غالبيتهم قتلوا تحت أنقاض المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي، أو في الشوارع، أو اختفوا بظروف غامضة، في الأحياء التي تشهد توغلات للجيش الإسرائيلي.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه لا يوجد إحصاء دقيق لعدد المعتقلين الفلسطينيين من غزة حتى الآن، نظرًا لجرائم الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري التي ترتكبها إسرائيل، وصعوبة تلقي البلاغات في قطاع غزة بسبب تشتت الأهالي وانقطاع الاتصالات والإنترنت شبه الدائم، غير أن تقديرات أولية تشير إلى تسجيل أكثر من 3 آلاف حالة اعتقال، بينهم لا يقل عن 200 امرأة وطفل، لا يوجد أي معلومات رسمية سواء عن مواقع احتجازهم، أو الظروف والتهم الموجهة لهم، وذلك في انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي.
وطالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل بتسليم الطفلة التي أقر الضابط الإسرائيلي باختطافها، ولا يعرف مصيرها ولا مكانها حتى الآن، والكشف عن كافة حالات الخطف والنقل القسري التي ارتكبت ضد أطفال فلسطينيين، وتسليمهم فورا.
وأكد المرصد الحقوقي أن "نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرين" -كما يفعل الجنود الإسرائيليون- يعتبر شكلا من أشكال جريمة الإبادة الجماعية وذلك بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي تعتبر إسرائيل طرفا فيها، وبموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، كما يشكل إبعاد ونقل الأطفال تعسفا وعلى نحو غير قانوني، باعتبارهم جزء من السكان، انتهاكا جسيما لاتفاقيات جنيف وجريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي .
وطالب الأورومتوسطي بالعمل فورا على إنهاء حالة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري لمئات المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة ليتمكن السكان من معرفة مصيرهم.
ونبه إلى أن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري سنة 2006 ودخلت حيز التنفيذ، ابتداء من عام2010، تُلزم الدول باعتبار الاختفاء القسري جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبات مناسبة، تأخذ في الاعتبار خطورتها البالغة.
وتؤكد الاتفاقية، أن الاختفاء القسري جريمة ترقى إلى مستوى "الجرائم ضد الإنسانية"، إذا ما تمَّت ممارستها على نطاق واسع أو بطريقة ممنهجة، وهو ما تفعله قوات الجيش الإسرائيلي حاليا في المناطق التي تتوغل فيها في قطاع غزة حيث اعتقلت الآلاف، وتواصل احتجاز ما لا يقل عن 3 آلاف شخص مصيرهم مجهول ولا يوجد أي معلومات عنهم.
وفي سياق متصل، طالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل، بتمكين طواقم الدفاع المدني من انتشال الجثامين من تحت الأنقاض ومن الشوارع في غزة، والإسراع في تقديم الآليات والمعدات اللازمة لذلك، وصولا لحصر أعداد المفقودين الذين يشتبه أن تكون القوات الإسرائيلية احتجزتهم وأخفتهم وذلك للمطالبة بالكشف عن مصيرهم.