دراسة تبعث الأمل لإيجاد علاج شخصي لمرضى متلازمة داون
شبكة وتر-توصل باحثون في كشف غير مسبوق إلى الأنواع الفرعية لمتلازمة داون. وسيقدم هذا الاكتشاف العلمي الكبير رؤى جديدة يمكن أن تؤدي إلى اتباع نهج الطب الشخصي في إدارة هذه المتلازمة.
ونُشرت الدراسة الجديدة بمجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" في يوليو/تموز الماضي من قبل باحثين من معهد ليندا كرنيك لمتلازمة داون في جامعة كولورادو أنشوتز الطبية الذي يُعتبر جزءا من مشروع "هيومان تريسوم" الجاري في معهد كرنيك، يحدد أنواعا فرعية متميزة جزيئية ومناعية بين الأفراد المصابين بمتلازمة داون.
رؤى جديدة يمكن أن تؤدي إلى اتباع نهج الطب الشخصي في إدارة هذه المتلازمة (بيكسلز)
متلازمة داون
متلازمة داون، المعروفة أيضا باسم تريسومي 21، تحدث نتيجة وجود نسخة إضافية من الكروموسوم 21، وترتبط باختلافات في النمو العصبي وسجل مرضي مميز. إن الأفراد المصابين بمتلازمة داون لديهم خطر أقل بكثير للإصابة ببعض الحالات الطبية، مثل معظم أنواع السرطان الصلبة وارتفاع ضغط الدم، ولكنهم معرضون لخطر أكبر بكثير للإصابة باضطرابات المناعة الذاتية ومرض ألزهايمر. ومع ذلك، فقد حيّرت هذه المتغيرات في كيفية ظهور هذه السمات في الأفراد المصابين بمتلازمة داون المجتمعات الطبية والبحثية منذ فترة طويلة.
الدراسة الجديدة
حلّل فريق معهد كرنيك التعبير الجيني للجينات الموجودة على الكروموسوم 21، والذي يكون ثلاثي النسخ في المصابين بمتلازمة داون، عبر مئات المشاركين في مشروع "هيومان تريسوم"، وحددوا أنماطا فريدة من الإفراط في التعبير الجيني بين الأفراد. وباستخدام خوارزميات التعلم الآلي المتقدمة، قام الباحثون بمطابقة الأنماط المتغيرة للتعبير الجيني للكروموسوم 21 مع 3 مجموعات فرعية جزيئية ومناعية متميزة من الأفراد المصابين بمتلازمة داون.
هذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها الملفات الجزيئية المشتقة من عينات الدم لتقسيم الأفراد المصابين بمتلازمة داون إلى مجموعات فرعية متميزة.
ويقول الدكتور خواكين إسبينوزا، المدير التنفيذي لمعهد كرنيك ومدير مشروع "هيومان تريسوم"، إن "هناك تنوعا ملحوظا من حيث الميزات تتعلق بالنمو والسمات المرضية لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة داون، ونحن نعتقد بقوة أن هذا التنوع هو المفتاح لإجراء اكتشافات ستحسن النتائج الصحية وتزيد من متوسط العمر المتوقع لهذه الفئة".
ومن جانبه، يوضح الدكتور ميكاه دونوفان الباحث المشارك في معهد كرنيك وأحد محللي البيانات الرئيسيين –وفقا لموقع يوريك أليرت– أن "هذه الاكتشافات تشير إلى خطوة تحوّلية نحو تطوير رعاية طبية أفضل للأفراد المصابين بمتلازمة داون، هذا يسمح لنا بالتحول من إستراتيجية عامة إلى نهج علاجي أكثر تحديدا ودقة يعالج المظاهر الفريدة للحالات المصاحبة لمتلازمة داون".
ويوفر -توقيع الجزيئات المختلف في الوظيفة المناعية، وإشارات الخلايا، والتمثيل الغذائي– للباحثين خارطة طريق للسعي نحو تطوير التشخيصات والعلاجات المخصصة لهذه الفئة.
مشروع "هيومان تريسوم"
يجمع فريق المشروع العديد من الخبراء بهدف موحد هو فهم كيف يتسبب "تريسومي 21" في طيف مختلف من الأمراض.
ورغم أننا نعلم أن الأفراد المصابين بمتلازمة داون معرضون لخطر متزايد للإصابة ببعض الحالات الطبية، فإننا لا نفهم بعد ما الذي يسبب التركيبة الخاصة من المشاكل الصحية التي قد يعاني منها أي فرد.
وستساعد البيانات التي تم جمعها بواسطة مشروع "هيومان تريسومي" في تفسير هذا التنوع من خلال النظر في العوامل الوراثية والأيضية والميكروبية والمناعية والعديد من العوامل الأخرى وكيف تؤثر على صحة الشخص في سياق "تريسومي 21".
وسيعمل هذا المشروع عند اكتماله على تعزيز الفهم للعديد من الحالات الطبية الرئيسية وعلم الأحياء البشري بشكل عام، وفقا لما نشره الموقع الإلكتروني للمشروع، مما يتيح تطوير أدوات تشخيصية وعلاجية جديدة لخدمة ليس فقط الأفراد المصابين بمتلازمة داون، ولكن أيضا المليارات في جميع أنحاء العالم الذين يعانون من حالات تتأثر بالمرض.
ويوضح الدكتور ماثيو غالبراث، مدير برنامج علوم البيانات في معهد كرنيك وأحد المؤلفين الرئيسيين للبحث- أن هذه الدراسة تبحث قوة الأساليب الحسابية المتقدمة لتحليل مجموعات البيانات واسعة النطاق، بفضل مجموعات البيانات التي أنشأها مشروع "هيومان تريسوم"، حيث أصبح من الممكن الآن تصور نهج الطب الشخصي لدراسة متلازمة داون، على غرار ما تم تحقيقه للظروف الطبية الأخرى.
ويأمل الباحثون في معهد كرنيك أن تؤدي هذه الأفكار إلى تحسين النتائج العلاجية وتحسين جودة الحياة للأفراد المصابين بمتلازمة داون. هذا العمل الرائد لا يعمق فقط فهمنا لمتلازمة داون، ولكنه أيضا يبرز الإمكانية لتشخيص وعلاج أكثر دقة للحالات الطبية المعقدة.