تاريخ النشر: 2016-10-05 15:33:15

رحلت الصديقة نادية ولما ننهي حديثنا بعد!

رحلت الصديقة نادية ولما ننهي حديثنا بعد!
بقلم: نصار إبراهيم   " لقد رحلت نادية...إنها رفيقة حياتي وعمري يا نصار...!" هكذا همس د. إلياس لي ودمعة الألم والفقد تجول في عينيه الأليفتين الحزينتين...   نادية ميخائيل سعد... زوجة رفيق العمر د. إلياس اسعيد... طاقة الحركة والفرح... مضت هكذا بخفة وبساطة كما كانت في الحياة خفيفة الظل والروح والحضور... فحين تكون يسري الابتسام كالدفء... صبرت وقاومت... وأخيرا رحلت... نعم... هكذا ببساطة.     حين يكون الفقد سريعا هكذا... تستيقظ الذاكرة على تفاصيل لا حصر لها... وكأنها تنتظر لحظة الرحيل لتنهض فتلقي بأثقالها على القلب...     كم هو ثقيل وحزين هذا الفعل "كان"... كم هو قاسٍ حين يحيل ما كان منذ لحظة دفقا من حياة إلى زمن ماض... أنسى وألتفت وكأني أواصل مع نادية ثرثرة بدأناها منذ دقيقة... وفجأة لا أجدها... أتخيلها تدخل... تملأ فضاء الباب بضجيجها وضحكاتها... فأقول ها قد جاءت...!.       إنها نادية قوة فعل ومبادرة في دائرة الأصدقاء الضيقة... تلك الدائرة التي تختفي فيها الفواصل والحدود... ولا يبقى سوى الوضوح والصدق... لا يمر أسبوع تقريبا دون أن يتواعد الأصدقاء.. وكثيرا ما كانت المبادرة تكون بترتيب من نادية... وحين يكون اللقاء في بيتها.. فإنها لا تتوقف لحظة عن الحركة والحديث... فهي تحتفي بنا على طريقتها الشهمة والكريمة والصادقة.     حين تنظر وتبتسم أعرف أن معها حكاية خاصة... أو حدث يثير الضحك... فأقول: أحكي... شو في؟     لكنها الآن رحلت بفرحها ومشاكساتها الأليفة... وفقدها هكذا بذلك الإيقاع السريع سيكون بالنسبة لنا نحن الأصدقاء ثقيل وحزين... إنه ثقيل لأننا في كل لقاء قادم سنتخيلها في أية لحظة وهي تدخل علينا... ستغادر غيابها لتأتي... فتعيد تذكيرنا ببديهيات الابتسام.. بطريقتها في الكلام.. بملاحظاتها الحاسمة، بتعليقاتها التي لا تعرف المجاملة، بطريقتها في الضحك... وأيضا بطريقتها في الأستفزاز والسخرية العفوية حين تريد.     يا صديقي الغالي إلياس سعيد رفيق نادية في الحياة... وأنت يا أمل ابنة نادية وأنت يا خالد ابنها... أعرف كم هو فقدكم غال وعميق... أعرف أن أصعب ما يحدث هو أن يفقد الرجل رفيقة حياته... وأعرف أن أشد وأصعب فقد على الأبناء هو فقد الأم... أعرف أن لا تعويض... لقد رحلت نادية... ولكنها مع قسوة الفقد والرحيل أبقت لكم الحياة... أحاطتكم بالفرح دائما... مع الأيام يا أصدقائي ستستقر الذاكرة... ستستقر لكنها لن تنسى... ستبدأ لحظات استعادة التفاصيل... ما أنا متأكد منه أنكم ستجدون تفاصيل هائلة تملآ مساحة أعماركم في الطفولة والشباب... وكلها بقدر ما ستثير الشجن والحنين فإنها في ذات الوقت ستذكركم كم كانت نادية زوجة وأما رائعة وعنوان فرح...     بالأمس... حين ارتفعت نادية فوق الأكف الرؤوس في رحلتها الأخيرة... نظرت إلى نهر المودعين.. كان حزنا حقيقيا... قلت للصديق إلياس: ألا تلاحظ معي... لقد كانت نادية مجتمعا بكامله... نظر إلي... علت شفتيه ابتسامة هي التجلي الأعمق للحزن وقال: "ما بعرف من وين كانت بتعرف كل هالناس...!".     لقد رحلت أيتها الصديقة سريعا ولما ننهي حديثنا بعد.. كنت أتمنى لو لم يقطع هذا الموت العنيف الحكاية... لكنه لا يبالي بنا وبأمنياتنا... فسلام عليك... وسلام على لحظات أشعلت فيها فرح الابتسام .