شبكة وتر- من المؤكد أن جميعنا ما زال يتذكر مامي – Mammy، تلك الشخصية الكرتونية للسيدة السمراء السمينة، التي كانت تتبنى القط توم في منزلها، وتصرخ دائمًا بـ “تووووووماس” عندما يزعجها بمشاغباته داخل المنزل مع جيري، ضمن أحداث سلسلة توم وجيري الكرتونية الشهيرة.
غير أن الكثيرين لا يعلموا أن صاحبة الأداء الصوتي للشخصية، هى ذاتها التي أُستوحي منها صناع سلسلة الرسوم المتحركة الشهيرة الصفات الجسدية لشخصية Mammy الكرتونية، كما أنها ممثلة حفرت اسمها فى سجلات جائزة الأوسكار، كأول ممثلة أمريكية ذات أصول إفريقية تحصل على الجائزة .. فترى من تكون تلك الممثلة؟ وما هي قصتها مع الأوسكار؟
أنها هاتي ماكدانيال، ممثلة أمريكية، ذات أصول إفريقية، ولدت بمدينة ويشيتا بولاية كينساس في 10 يونيو عام 1895، وقد ظهرت مواهبها كمغنية وممثلة خلال فترة نشأتها في مدينة دينفر بولاية كلورادو، وتركت المدرسة وهي في سن المراهقة؛ لتصبح ممثلة ضمن عدة فرق مسرحية.
قد أصبحت من أوائل الإفريقيات الأمريكيات اللواتي يغنين في الإذاعة الأمريكية، ثم عملت بعد ذلك كمغنية في ملهى لمدة عام قبل ظهورها لأول مرة في هوليود، وفي لوس أنجيليس، كان لها دور صغير في البرنامج الإذاعي (الدونتس المتفائل)، ولم تمر فترة طويلة حتى أصبحت محط الأنظار في هذا البرنامج.
شهد عام 1932 ظهورها السينمائي فى واحد من التحف الخالدة في تاريخ هوليود والفن السابع والسينما العالمية بشكل عام، حيث لعبت دور مامي، وهي الخادمة الوفيّة لأسيادها في زمن العبيد قبل اندلاع الحرب الأهلية أمام فيفيان لي و كلارك جيبل، ضمن أحداث فيلم Gone With the Wind، والذي أخرجه فيكتور فليمنح، المُقتبس عن رواية رومانسية ملحمية تحمل نفس الاسم لمارجريت ميتشل.
قد حصل الفيلم على ثماني جوائز للأوسكار من الأكاديمية الأمريكية لعلوم وفنون الأفلام، منها أفضل تصوير وأفضل إخراج وسيناريو وأفضل تصوير سينمائي وإخراج فني وكتابة بالإضافة إلى جائزة أفضل ممثلة.
إلا ان أهم جائزة مُنحت لذلك الفيلم هي تلك التي حازت عليها (هاتي) عن تجسيد دور (مامي) الخادمة، ففي مساء ليلة حفل توزيع جوائز الأوسكار في عام 1940، أصبحت أول ممثلة أمريكية سمراء من أصول إفريقية تحصل على جائزة أوسكار بين النساء والرجال، كأفضل ممثلة في دور مساعد، وقد انتزعت الجائزة من النجمة السينمائية، بعدما تغلبت على الممثلة أوليفيا دي هافيلاند التي نافستها على الجائزة عن دورها المتميّز في نفس الفيلم.
كلمة هاتي بمناسبة منحها الجائزة
هذا وقد تسلّمت ماكدانيال الجائزة في أحد النوادي الليلية، الذي خُصص لجلوس الممثلين الأمريكيين من أصل أفريقي آنذاك، مما دفع جانب كبير من أعضاء الجمعية الوطنية لترقية السود والنقاد السينمائيين في هوليوود، للهجوم على ماكدانيال بدافع أن دورها في الفيلم يساهم فى تخليد صورة نمطية، ومهينة للأمريكيين من أصل أفريقي، ففي ذلك الوقت كانت أعمال الممثلون والممثلات الأفارقة الأمريكيين تنحصر في دور الخادم، وقد انطبق ذلك على ماكدانيال، حيث لعبت دور الخادمة والطباخة فيما يقرب من 40 فيلماً في فترة الثلاثينات.
وردّاً على الانتقادات، قالت ماكدانيال إنها تفضّل أن تلعب دور الخادمة على الشاشة بدلاً من تأديته في الواقع، وبالإضافة إلى ذلك فقد كانت تحاول أن تهدم هذه الصورة النمطية، وأن تظهر الخادمة في صورة شخصية أنيقة مستقلة فكرياً، مما جعل المشاهدين البيض يشعرون بعدم الراحة لذلك.
وتعليقاً على واقعة حصول أول ممثلة أمريكية من أصل أفريقي على الأوسكار، قال توم أونيل، الصحفي في “لوس أنجلوس تايمز”: إن قصد هوليوود لم يكن التمييز العرقي، بل هو عدم قدرة النقاد على التعرف على ثقافات أخرى، مضيفاً أن المعهود هنا هو أن الأدوار الأساسية يجب أن تذهب إلى البيض.
في كتاب هاتي ماكدانيال Hattie McDaniel: Black Ambition, White Hollywood، تقول المؤلفة جيل واتس: “أعتقد أنهم على حق، إلا أنني أرى أنه إذا رفضت ماكدانيال مثل هذه الأدوار فلن يظهر الأمريكيون من أصل أفريقي أبداً على الشاشة”.
استوحى جوزيف باربيرا وويليام هانا عام 1937، وهما صُنّاع سلسلة الرسوم المتحركة الشهيرة توم وجيري، الشخصية الكرتونية للسيدة السمراء صاحبة المنزل، والتي ظهرت برجليها فقط “لم تظهر بوجهها أبداً” على مدى سنوات عرض السلسلة من الصفات الجسدية للممثلة هاتي ماكدانيال، وهي التي طلبت عرض جسدها دون وجهها، وذلك فقط لتثير فضول الأطفال.
لم تظهر هاتي بوجهها إلا نادراً، فلم نرى منها على مدار سنوات عديدة سوى أرجلها وقدميها بداخل الحذاء المنزلي الأحمر، والذي أشتهر فيما بعد باسم Mammy Two Shoes، غير أن الكثيرين لا يعرفوا أن هاتي ظهرت بشكل كامل في ثلاث حلقات فقط ضمن أحداث السلسلة، وهم (حلقة Saturday Evening Puss، وحلقة Mouse Cleaning، وحلقة Part Time Pal).
قلّت أعمال ماكدانيال الفنية في الأربعينات، لكنها عادت في 1947 إلى الإذاعة كنجمة في البرنامج الإذاعيThe Beulah Show، وفي البرنامج قامت أيضاً بتجسيد شخصية الخادمة الجنوبية، لكن في شكل غير نمطي، والذي حاز هذه المرة على قبول الجمعية الوطنية لترقية السود، وظلّت تعمل بالبرنامج حتى رحلت بسلام في 26 أكتوبر 1952 عن عمر ناهز الـ 57 عاما