شبكة وتر- لم تكد الدراما السورية تلتقط أنفاسها بعد مرور 4 سنوات عجاف عليها فرضت عليها الحرب تحديات جمة، حتى فوجئ صناعها هذا العام بشعار «بعض المسلسلات السورية لا تمثل شعبها» الذي رفعه الجمهور بعد خروج بعض المسلسلات عن سياقها العام بوضعها المرأة السورية خارج مناطق العادات والتقاليد، وتقديمها في إطار مغاير، وهو أمر رفضه صناع الدراما السورية نفسها ومتابعوها الذين أطلقوا صفحة «معاً لمحاربة المسلسلات السورية المسيئة للسوريين»، موجهين عبرها سهام نقدهم إلى بعض المسلسلات، ليكون «عناية مشددة» على رأس القائمة، فيما لم يسلم «صرخة روح 3» من السهام، لتظل الدراما السورية حائرة بين الرفض والقبول.
قالب مخالف
«لا يمكن أن نجزم بشكل عام أنها عكست الواقع السوري»، بهذا التعبير علق المخرج بطال سليمان على طبيعة انتاجات الدراما السورية لهذا العام، وقال لـ «البيان»: بعضها اقترب من الهموم التي يعيشها السوري بعد مرور 4 سنوات من الحرب، فيما نجد أن البعض الآخر قدم البيئة الشامية في قالب مخالف لطبيعته، سواء من خلال سذاجة الكتابة والطرح أو الافتقار إلى الرؤية الفنية الجميلة«.
وأضاف: الدراما السورية لا تزال قادرة على العيش في ظل الأزمة الحالية التي تمر بها سوريا، ولا يزال بإمكانها العمل تحت هذه الظروف وتقديم أعمال جميلة ذات أفكار ومعالجات فنية راقية.
وفي الوقت الذي نالت بعض الأعمال إعجاب سليمان، جاءت أخرى في نظره دون المستوى، وقال: هناك أعمال بدت مشغولة بعناية وبحرفية عالية، ومن أبرزها »غداً نلتقي« الذي اعتقد أنه أفضل من حاكى الواقع السوري وعاين أزمته، في حين أن هناك أعمالاً لا أعرف كيف تمت الموافقة عليها أصلاً، وهي تعتبر معيبة جداً في حق الرجل السوري قبل المرأة التي شوهت صورتها وقدمتها بصورة مغايرة تماماً للواقع». مؤكداً أن بعض الأعمال السورية هضمت حق المرأة السورية كثيراً، وقدمتها بصورة مستفزة، مشيراً إلى أن ظاهرة الانفتاح التي تشهدها الدراما السورية جاءت تقليدا أعمى للدراما التركية.
من جهته، أكد المخرج مأمون البني أنه لم ير الواقع السوري في دراما هذا العام، باستثناء بعض الأعمال التي ناقشت واقع الأزمة مثل «غداً نلتقي».
وقال: ما يتم عرضه حالياً هي مجموعة أعمال لا تمثل الشام وبيئتها في وقت ترفض فيه الأعمال السورية الجادة التي تناقش الواقع وتظهره ، مشيراً إلى أنه لا يجوز أن يتم تقسيم المسلسلات بين المعارضة والموالاة، وقال: هذا الأمر غير مهم، فما يهمنا هو أن يتحدث العمل بصدق عن ما يجري في سوريا، ولا يبتعد عنه.
وأشار إلى أن معظم الأعمال المعروضة لا تعكس طبيعة البيئة الشامية وقال: لقد أثبتت الدراما السورية حالياً أن المخرجين الشباب لا يقرأون ما بين السطور خلال تنفيذهم للنصوص، كما أثبتت أن النص المكتوب أقوى من الاخراج، والسبب هو الاستعجال والاستسهال في تقديم العمل.
بانتظار الياسمين
في إطار رفض بعض الأعمال المعروضة، أطلق اعلاميون صفحة «معاً لمحاربة المسلسلات السورية المسيئة للسوريين» شنوا من خلالها حرباً على مجموعة مسلسلات قالوا إنها «لا تمثل الشعب السوري»، مؤكدين أن الدعارة والمخدرات والمشروب والخيانة ليست هي الصورة التي تمثل الشعب السوري.
وكما رأى البعض في «غداً نلتقي» و«بانتظار الياسمين» صورة للواقع، جاء مسلسل «عناية مشددة» على رأس الأعمال التي أصابتها سهام النقد، فمع ارتفاع منسوب جرأته، ارتفعت احتمالات دخول صناعه لأروقة المحاكم، بعد إعلان المصممة السورية منال عجاج نيتها رفع دعوى ضد العمل، معتبرة أنه «يعمل على اسقاط السيدة السورية لدرجة أنه لم يترك حتى بنت الضيعة»، ليوجه النصيب الأكبر من النقد نحو الفنانة لينا كرم التي تجسد فيه شخصية «عتاب»، ليكون دورها في «عناية مشددة» الأكثر «استفزازا» للمشاهدين.
ارتفاع نسبة النقد لـ «عناية مشددة» دعت مخرجه أحمد ابراهيم أحمد إلى الرد عبر الفيسبوك بأن «جميع الحكايات والقصص في (عناية مشددة) مأخوذة من الواقع السوري، ولن نقوم بتجميل ذاتنا ونكذب على المشاهد، إن كان هناك بعض الشخصيات، التي لم تعجب البعض، كشخصية »عتاب«، وما تحمله من سلبيات في بعض المشاهد، فالهدف منه تسليط الضوء على هذه النماذج في المجتمع، حتى لا يقع البعض ضحيتها من استغلال لحاجة المهجرين السوريين للقمة العيش».
واقع سيء
«صرخة روح» الذي أطل بجزء ثالث، كان هو الاخر عرضة للنقد، فقد وصفه مستخدمو الفيسبوك بأنه يعتمد على حكايات الخيانة المحرمة والشاذة، وقالوا: «المسلسل يظهر المرأة السورية بلا أخلاق وبلا شرف وأنها خائنة، وكأن المجتمع خال من القيم والمبادئ» مشيرين إلى أن منتجي «صرخة روح» يصنعون بذلك واقعاً أسوأ بعشرات المرات من الواقع السائد.