شبكة وتر- عند قراءة رواية مي: ليالي إيزيس كوبيا، تصبح مي زيادة الإنسانُ على مسافة نَفَس منّا، فنسمع نشيجها وهي في قمَّة عزلتها في مستشفى المجانين، العصفوريَّة، الذي زُجَّتْ فيه ظلمًا، بهدف الاستيلاء على ميراثها العقاريّ والماليّ... ونُصغي إلى أنفاسها وهي تخبو بهدوء، قبل رحيلها الأخير عن دنيا حوَّلها الأهل والأصدقاء إلى جحيم.
بل تذهب الرواية إلى أبعدَ من ذلك، في تحليلها الفنِّيِّ لمشكلات العصر الخطيرة، إذ اختار جيل مي الحداثة، لكنَّه رفض دفع ثمنها. لطفي السيِّد، طه حسين، الرافعي، العقَّاد، جبران، شوقي، مطران، الريحاني وغيرهم، هيكلوا فكريًّا مجتمعَ العشرينيَّات حتى الخمسينيَّات، لكنَّهم تركوه معلَّقًا داخل حداثة مستحيلة، شكّلتها المنظومة الدينيَّة والفكرُ المحافظ.