شبكة وتر- تُمعِنُ رشا عمران في مجموعتها الجديدة، النظرَ في الوحدة، تتغلغلُ في أدقّ تفاصيلِها، في محاولةٍ لفهمِها وفكفكة رموزِها. ولصعوبةِ هذا التمعّن ومشقّتهِ، تحاولُ خرقَهُ بخلقِ شخصٍ آخرَ في المكان، فتختارُ ثيمةً لمجموعتِها، تمنحُها بعدًا إضافيًا، وزاويةً جديدةً لرؤيةِ هذه الوحدة، الثيمةُ التي اتخذتها الشاعرةُ عنوانًا للمجموعة: "التي سكنتْ البيتَ قبلي".
تقول رشا عمران:
في خزانة الحائط
ثمة دفتر قديم
وجملة واحدة فقط مكتوبة بخط قلق: وحيدة.. كيتيمة تشتهي أن
يمشط أحد شعرَها المبلل
الجملة التي كتبتها المرأة التي سكنت في المنزل قبلي وضعت فوقها
خصلةَ شعر بيضاء رقيقة ورحلت.
كل ما فعلتهُ أنني كتبت اسمي تحت الجملة وعلقت الورقة على
الحائط الفارغ
ثم أخذت مشطًا وسرحت خصلة الشعر البيضاء الرقيقة
وهكذا
كنتُ أعيدُ المشهد كلّ يوم
كما لو كنت أسلي وحدتي
كي لا تبدأ بقضم
أصابع قدمي.
تنحو نصوصُ «التي سكنتْ البيتَ قبلي» منحى مختلفًا قليلًا عما نُطالعُهُ في الشعر السوريّ تحديدًا في هذه المرحلة، إذ تذهبُ النصوصُ باتجاهِ الحديثِ عن الشخصيّ الذي تعيشُهُ الشاعرة، والذي يُعطي انطباعًا بأنّهُ شخصيٌّ بالمطلق، ولا يحاولُ ادعاء أكثر من ذلك. لكنّ الحال، أن هذا الشخصيّ في قصائد المجموعة، ليسَ مفصولًا عن سياقٍ عام، أوصلَ الشاعرةَ إلى هذه الوحدة التي كتبتها بدقّةٍ وعنايةٍ شديدتين.
أفكرُ أحيانًا
أن النساء الوحيدات يشبهن الشرفات النافرة
يتسعنَ لأحواض الزرع
ولحبل الغسيل المزدوج
ولكرسي وحيد يعرف الفرق بين الشموس وضوء القمر.
**
على هذا النحو ترسمُ عمران في مجموعتها لوحةً لحياتِها، تحاولُ استثمار كلّ لحظةٍ في التفكير في هذه الوحدة القاسية التي تعيش.