تاريخ النشر: 2015-09-09 10:16:00

توغل تركيا في العراق يهدد علاقاتها مع الأكراد

توغل تركيا في العراق يهدد علاقاتها مع الأكراد
يكتب تسبي برئيل في "هآرتس" ان المطاردة الساخنة للإرهابيين في أراضي الدول الأجنبية ليست اختراعا جديدا. فالعديد من البلدان، مثل العراق وسوريا والمملكة العربية السعودية، وبالطبع إسرائيل، تعد من بين الدول التي تستخدم ذلك.  كما ان دخول القوات التركية الى المجال السيادي لجيرانها ليس مسألة غير عادية. فلقد سبق لتركيا ان دخلت بالفعل الى سوريا في شباط من هذا العام لاستخراج بقايا قبر سليمان شاه والجنود الأتراك الذين يحرسونه. وقام سلاح الجو التركي بقصف مناطق في شمال العراق قبل ثلاث سنوات، بل قام قبل شهرين، ايضا، بقصف مواقع التنظيم الكردي السري في العراق وسوريا الذي يعتبر تنظيما ارهابيا. وقيام تركيا امس (الثلاثاء) بإرسال كتيبتين من جيشها الى منطقة جبل قنديل في شمال العراق، على حدود القطاع الكردي مع تركيا وايران، هو جزء مما تعتبره تركيا "حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس" بعد وقوع عمليتين في جنوب شرق تركيا، امس، ويوم الاحد، ومقتل ما لا يقل عن 31 جنديا وشرطيا. صحيح انه يمكن اعتبار التوغل في المنطقة الكردية بمثابة اعتداء على سيادة العراق وبالتأكيد على سيادة المنطقة الكردية، ولكن من المشكوك فيه ما إذا كان قادة العراق أو المنطقة الكردية سيخرجون عن اطوارهم. فالزعيم الكردي مسعود برزاني، الذي يقود الآن الصراع السياسي على استمرار رئاسته أمام المعارضة السياسية ، ليس متحمسا لنشاط التنظيم الكردي السري، وهو يدعم تركيا، بشكل علني على الأقل، لعدة اسباب من بينها كون تركيا تشكل نقطة انطلاق النفط الكردي إلى العالم. كما ان العراق الذي تعاني علاقاته مع تركيا البرود والتشكك، منذ فترة طويلة، خصوصا لأن تركيا لا تزال تسمح للأكراد بتصدير النفط من أراضيه، فانه لا يمكنه عمل الشيء الكثير ضد النشاط العسكري التركي. لن يخرج اي جندي عراقي للدفاع عن المنطقة الخاضعة اصلا للسيطرة الكردية، ناهيك عن كون العراق يفتقد الى فائض في القوات التي يمكنه استخدامها لهذه المهام. ولكن في حين ان علاقات تركيا مع جيرانها ليست مهددة بسبب العملية في العراق، فإن الخطر الحقيقي يتربص بالعلاقات الهشة بين حكومة تركيا والمواطنين الأكراد فيها. وكلما تم تصعيد المواجهة العنيفة بين الجيش والتنظيم السري الكردي، كلما تحولت المدن الكردية الى ساحة معركة. ويتم فرض حظر التجول على عشرات المدن وتخضع بعض المقاطعات لنظام عسكري خاص، يعني فرض قيود على الدخول والخروج واقامة الحواجز وتنفيذ الاعتقالات. المواطنون الأكراد يتظاهرون منذ عدة أيام في المدن الرئيسية في جنوب شرق تركيا فيما يحذر قادة الأكراد من حرب أهلية يمكن ان تندلع نتيجة الاشتباكات اليومية. ويتهم الاكراد رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، بالتصعيد المتعمد للحرب من أجل تعزيز الشعور القومي في تركيا، وتحقيق الانتصار في الانتخابات المقرر إجراؤها في مطلع تشرين الثاني. ويؤيد حزب المعارضة الجمهوري موقف الاكراد، كما يحظى بتأييد العديد من الجهات الليبرالية. ويسود التخوف الآن من اختلاق أردوغان ونظامه لذريعة من اجل حظر حزب الشعب الديموقراطي الكردي، وبالتالي يمكن لحزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان الحصول على عدد اكبر من الأصوات التي من شأنها أن تضمن له، كما يأمل، تشكيل حكومة الحزب الواحد دون الحاجة إلى شركاء في التحالف. ويحتم هذا القلق على قيادة حزب الشعب الديموقراطي الكردي السير على حبل رفيع. عليه ان يحافظ على الولاء لناخبيه الأكراد الذين اوصلوه لأول مرة الى البرلمان، وفي الوقت نفسه اظهار موقف متشدد ضد نشاط قوات الامن التركية وضد "الاحتلال الداخلي" للمحافظات الكردية، وكذلك يتحتم عليه الاحتراس من اطلاق تصريحات يمكن ان تقوده الى المحاكمة. لكنه يجب على الرئيس المشترك لحزب الشعب الديموقراطي الكردي، صلاح الدين دميرتاش، أن لا يحذر من اردوغان فقط، فزعيم التنظيم السري الكردي عبد الله اوجلان،  المسجون في تركيا والذي اهتم طوال سنوات بتحييد أي منافس له داخل معسكره، لا يشعر بالرضا ازاء الشعبية التي يحظى بها  دميرتاش. ويرى بعض المعلقين الأتراك أنه في حين يشن أردوغان الهجوم على دميرتاش، الا انه يمتنع عن شجب اوجلان بالذات. ويرى المعلقون ان هذا يدل على وجود "لعبة كريهة" تم نسجها بين الزعيمين من أجل تقويض قوة دميرتاش. والسؤال الآن هو ما إذا كانت التطورات في المنطقة والهجمات اليومية ستمهد طريق حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، وما إذا لم تقد نتائج الهجمات وعدد القتلى إلى نتيجة عكسية، ستجعل النظر الى أردوغان على أنه شخص غير قادر على اجتثاث الإرهاب.