وكأن الحظ العاثر يرافق اللبنانيين في هذه الفترة بالذات، فبعد المعاناة القديمة – الجديدة مع أزمتي المياه والكهرباء، ثم النفايات ثالثتهما!.. جاءت العاصفة الرملية لتكون الضربة القاضية. فحتى "النفس" لم يعد مطابقاً للمواصفات الصحية، واللبنانيون "يختنقون" جراء العاصفة الرملية التي جاءت من العراق وسوريا والتي "لم يشهد لها مثيل منذ العام 1998"، بحسب ما أكد رئيس مصلحة الأرصاد الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي مارك وهيبة، وخلّفت حتى الآن 3 وفيات واكثر من 2000 من حالات الإختناق وضيق التنفس.
وفيما حضّت وزارة الصحة المواطنين، وبخاصة من يعانون من أمراض الربو والحساسية والأمراض الرئوية المزمنة وأمراض القلب، على التزام منازلهم، شددت على أهمية استعمال الكمامات الطبية والأدوية الأساسية للحساسية، وسط مخاوف جديّة من استمراراها بسبب التأثير الكارثي الذي نتج عنها. فهل تقي الكمامات الطبية من الأمراض الناتجة أو المنتقلة بسبب العاصفة؟
وفي هذا الصدد، يؤكد الإختصاصي في أمراض الأنف والأذن والحنجرة أحمد حوماني في حديث لـ "لبنان 24" إلى أن "الكمامة الطبية مهمة جداً في هذه الفترة لكنها لا تقي بنسبة 100% من الآثار السلبية للعاصفة، وهذا لأن عمليتي التنفس "الشهيق والزفير" لا تكتمل دون التنفس الخارجي، إذ تقوم الرئتان بامتصاص الأوكسجين من الهواء الخارجي"، مشيراً إلى ان "الهواء المغبّر يدخل من خلال جوانب الكمامة لذا يمكن اعتبار أنها تقي بنسبة 50% من الجراثيم والميكروبات الخارجية للعاصفة".
ولفت إلى أن "هناك نوعان من الكمامات منها يتوجد داخلها سائل مائي واخرى عادية، مشدداً على أن "على مرضى الربو والقلب وخصوصاً مرضى السرطان ان يتجنبوا الإحتكاك المباشر مع العاصفة لانه حتى الآن لم يحدد الاطباء ما هو نوع الجرثومة التي يمكن أن تنتج عنها العاصفة".
وعن حالات الإختناق والوفيات الثلاث، شدد حوماني إلى أن "هذه الحالات يجب أن تُدرس لمعرفة ما هو سبب الوفاة وما هي حالتهم بالتحديد لانه ليس شرطاً ان يكون سبب الوفاة جرثومة متواجدة في العاصفة، بل يمكن ان تكون هذه الحالات قد تأثرت بالعاصفة"، لافتاً إلى انه "من المستبعد ان تكون حالات الوفاة تعود إلى جرثومة لانه حتى الآن لم تصدر أي من المراكز الطبية التي تتابع حالات الإختناق في المستشفيات تقريراً يشير إلى سبب الوفيات"، مشدداً على انه "إذا كان هناك جرثومة يجب أن يعلنوا عنها ويقدموا تقريراً إلى وزارة الصحة لتحذير المواطنين".
ماذا عن "وباء الكوليرا"؟
وكان وزير الصحة وائل أبو فاعور أكد سابقاً أن "الكوليرا خطر قائم في لبنان لكن النفايات لا تولّد الجرثومة وبالتالي لا داعي للقلق"، مطمئناً إلى أن "هناك اجراءات تتّخذها وزارة الصحة خصوصاً في المطار"، لكن حوماني يكشف عن مخاوف جدية من كارثة صحية قد تحلّ على لبنان، ويقول إن "جرثومة الكوليرا موجودة في لبنان منذ أن بدات أزمة النفايات، وهي تنتقل عن طريق الماء أو الطعام الملوث بسبب تلوث الأرض والمزروعات والكثير من الفضاءات العامة وأماكن تجميع النفايات بشكل غير علمي ولا يراعي الشروط والضوابط الصحية والبيئية"، مشيراً إلى أن "هذه الجرثومة تنتقل إلى الأشخاص الذين لديهم نظام مناعة ضعيف بشكل أسرع، وخاصةً الاطفال وتتفاعل في الجسم بطريقة سريعة"، مطمئناً إلى انه "إلى الان لا يوجد حالات عديدة في المستشفيات".
يشار إلى ان وبار الكوليرا يتسبب انتشاره الوبائي في وفاة ومرض أعداد هائلة من التجمعات البشرية في زمن سريع جداً.
بالخلاصة.. بعد أزمة "غير المطابق" والنفايات و"العاصفة الرملية"، هل نكون أمام تحدي انتشار وباء الكوليرا..؟