شبكة وتر-لم تحقق جوائز الأوسكار للسينما الأميركية ملكية كل أفلام العالم، لكنها حققت ملكية المعايير التي يمكن أن يقاس عليها الفيلم الناجح والفاشل أيضا. هكذا يقدم الممثل والكاتب مايكل شولمان كتابه "حروب الأوسكار" والذي صعد إلى قائمة أفضل المبيعات وفقا لقائمة نيويورك تايمز خلال أسبوعين فقط من إصداره في 21 فبراير/شباط الماضي.
يقول المؤلف "ما إن بدأ حفل لرجال الصناعة عام 1929 في تلال هوليود، حتى تحول الآن إلى احتفال مقدس، مكتمل بالسجاد الأحمر والمظاريف، ورجال الذهب الصغار (جوائز الأوسكار الذهبية)".
يستأنف شولمان، "لكن لا تنخدع بالأبهة: جوائز الأوسكار، أكثر من أي شيء آخر، هي ساحة معركة، حيث يتكشف تاريخ هوليود -وأميركا نفسها- في الأعمال الدرامية الكبيرة والصغيرة. قد يكون الطريق إلى حفل توزيع جوائز الأوسكار ذهبيا، لكنه مرصوف بالدماء والعرق والقلوب المكسورة".
في كتابه الجديد يقدم مايكل شولمان نظرة تفصيلية وجذابة على تاريخ وسياسة جوائز الأوسكار، ويبحث في الكواليس الداخلية لأكاديمية الفنون والعلوم السينمائية، وهي المنظمة التي تشرف على حفل توزيع جوائز الأوسكار، ويستكشف الخلافات والفضائح المختلفة التي ابتليت بها على مر السنين.
يبدأ الكتاب بتقديم بعض المعلومات الأساسية عن تاريخ حفل توزيع جوائز الأوسكار، وتعقب أصوله إلى الأيام الأولى لهوليود وجهود الشخصيات المؤثرة، كما يستعرض أفضل الإنجازات في صناعة الأفلام، ويصف كيف تطورت جوائز الأوسكار بمرور الوقت حتى أصبحت حدثا ثقافيا رئيسيا يشاهده ملايين الأشخاص حول العالم.
السياسة والجوائز
أحد الموضوعات الرئيسية في "حرب الأوسكار" هو السياسة التي تحيط بجوائز الأوسكار. يشرح شولمان كيف أن هذه الجوائز كانت دائما عرضة للضغط والحملات المكثفة من قبل الأستوديوهات وصانعي الأفلام والمعلنين، الذين يحاولون التأثير على آراء أعضاء الأكاديمية من أجل تأمين الترشيحات والفوز بأفلامهم. يستكشف شولمان أيضا الخلافات والفضائح المختلفة التي نشأت على مر السنين، مثل اتهامات بالعنصرية والتمييز على أساس الجنس في عملية التصويت في الأكاديمية، وأفضل مزيج من الصور سيئة السمعة في حفل عام 2017.
معركة التنوع
يستعرض الكتاب واحدة من أشهر أزمات جوائز الأوسكار والتي جرت بدءا من عام 2016، حيث واجهت الأكاديمية الأميركية رد فعل عنيف بسبب افتقارها إلى التنوع.
وكان جميع المرشحين الـ20 لجوائز التمثيل من البيض للعام الثاني على التوالي. ويصف شولمان كيف أشعل هذا الجدل نقاشا أوسع حول العنصرية في هوليود ونقص الفرص للأشخاص الملوّنين في صناعة السينما. ويرصد المؤلف الجهود المختلفة التي بذلت لمعالجة هذه القضايا، مثل قرار الأكاديمية بتوسيع عضويتها لتشمل المزيد من النساء والأشخاص الملونين.
ويقدم شولمان في الكتاب لمحة عن بعض اللاعبين الرئيسيين في عالم هوليود والأكاديمية، ويقدم رؤى حول شخصياتهم ودوافعهم وعلاقاتهم، وكيف أثرت معاركهم للسيطرة على الأفلام والممثلين وعلى مسار الأوسكار.
ويقدم المؤلف دراسة لبعض الجوانب الأقل شهرة في جوائز الأوسكار، مثل عملية الترشيح السرية والنظام المعقد الذي يتم من خلاله تقييم الأفلام والتصويت عليها. يكشف كيف تغيرت قواعد وأنظمة الأكاديمية بمرور الوقت، أحيانا استجابةً لضغوط الجمهور أو انتقاداته، وكيف أثرت هذه التغييرات على نتائج الجوائز.
في خدمة الجيش
ثار الكثير من الجدل حول فيلم "خزانة الألم" (The Hurt Locker) مقابل (أفاتار) (Avatar) عام 2010، ذلك أن الفيلمين اللذين يعتبران من أكبر أفلام العام دخلا في مسابقة ساخنة لأفضل فيلم.
ويشرح المؤلف كيف أن الفيلمين يمثلان رؤى مختلفة تماما لدور أميركا في العالم، ففيلم "أفاتار" كان يُنظر إليه على أنه نقد للإمبريالية الأميركية ودورها في تدمير البيئة، بينما كان يُنظر إلى فيلم "خزانة الألم" على أنه احتفال بالبطولة والتضحية الأميركية.
وقد ساهم هذا الجدل السياسي في موسم جوائز متوترة ومثيرة للانقسام، حيث اتهم بعض النقاد الأكاديمية بتفضيل "خزانة الألم" بسبب موقفها المؤيد للجيش، إلا أن الجدل الذي رافق ذلك الفوز سلط الضوء على التوترات السياسية التي غالبا ما تكمن وراء حفل توزيع جوائز الأوسكار.
وأحد أكثر أجزاء الكتاب إثارة للاهتمام هو مناقشة الدور الذي يلعبه المال في حفل توزيع جوائز الأوسكار، ويشرح المؤلف كيف تستخدم الأستوديوهات والمنتجون نفوذهم المالي للتأثير على اختيارات الجوائز، غالبا عن طريق إنفاق مبالغ كبيرة من المال على الحملات الفخمة التي تشمل كل شيء من اللوحات الإعلانية وإعلانات الحافلات إلى حفلات العشاء والحفلات باهظة الثمن لأعضاء الأكاديمية.
ويلاحظ شولمان أيضا كيف أثرت الأهمية المتزايدة لعائدات شباك التذاكر الدولية على جوائز الأوسكار، حيث تتطلع الأستوديوهات بشكل متزايد إلى إنتاج أفلام تجذب الجماهير في دول مثل الصين والهند.