شبكة وتر-اتهم المحقق المستقل للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء السلطات الإسرائيلية بتنفيذ "حملة تجويع" ضد الفلسطينيين أثناء الحرب في قطاع غزة، وهو الاتهام الذي تنفيه إسرائيل بشدة.
وفي تقرير صدر هذا الأسبوع، قال المحقق مايكل فخري إن الأزمة بدأت بعد يومين من عملية "طوفان الاقصى" وعندما قامت إسرائيل ردا على ذلك بمنع جميع المواد الغذائية والمياه والوقود وغيرها من الإمدادات إلى غزة".
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتهامات الموجهة لإسرائيل بتقييد المساعدات الإنسانية "كاذبة بشكل فاضح"، وأضاف في مؤتمر صحفي عقده يوم الأربعاء: "هل هي سياسة تجويع متعمدة؟ يمكنك أن تقول أي شيء، لكن هذا لا يعني أنها سياسة حقيقية".
وبعد ضغوط دولية مكثفة ــ وخاصة من حليفها الوثيق الولايات المتحدة ــ فتحت حكومة نتنياهو تدريجيا العديد من المعابر الحدودية أمام عمليات التسليم الخاضعة لسيطرة مشددة.
وقال فخري إن المساعدات المحدودة ذهبت في البداية في الغالب إلى جنوب ووسط غزة حيث أمرت إسرائيل الفلسطينيين بالتوجه، وليس إلى الشمال.
تم تعيين فخري، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة أوريغون، من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف محققا أو مقررا خاصا معنيا بالحق في الغذاء، وتولى المنصب في عام 2020.
وقال المقرر الأممي: "بحلول شهر ديسمبر 2023، أصبح الفلسطينيون في غزة يشكلون 80% من سكان العالم الذين يعانون من المجاعة أو الجوع الكارثي"، مؤكدا أن هذا "لم يحدث في تاريخ ما بعد الحرب أن جاع شعب ما بهذه السرعة والشمولية كما حدث مع 2.3 مليون فلسطيني يعيشون في غزة"، ووجه فخري، الذي يدرس دورات قانونية حول حقوق الإنسان وقانون الغذاء والتنمية، هذه الاتهامات في تقرير قدمه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وتم نشره يوم الخميس.
ويشير إلى أن "الأمر يعود إلى 76 عاما مضت منذ قيام إسرائيل وتهجيرها المستمر للفلسطينيين. ومنذ ذلك الحين، إسرائيل نشرت مجموعة كاملة من تقنيات الجوع والتجويع ضد الفلسطينيين، وإتقان درجة السيطرة والمعاناة والموت التي يمكن أن تسببها من خلال أنظمة الغذاء".
وقال فخري إنه منذ بدء الحرب في غزة، تلقى تقارير مباشرة عن تدمير النظام الغذائي في القطاع، بما في ذلك الأراضي الزراعية وصيد الأسماك، وهو ما تم توثيقه والاعتراف به من قبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة وغيرها، وأضاف أن "إسرائيل استخدمت المساعدات الإنسانية كسلاح سياسي وعسكري لإلحاق الأذى وقتل الشعب الفلسطيني في غزة".
ومن جانبها، تزعم إسرائيل أنها لم تعد تفرض قيودا على عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة، بما في ذلك الغذاء. وفي المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم الأربعاء، استشهد نتنياهو بأرقام من هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية التي تشرف على دخول المساعدات إلى غزة، والتي تزعم أنه تم السماح بدخول 700 ألف طن من المواد الغذائية إلى غزة منذ بدء الحرب قبل 11 شهرا.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن الوضع الإنساني في غزة "أكثر من كارثي"، حيث لم يتلق أكثر من مليون فلسطيني أي حصص غذائية في أغسطس، كما انخفض عدد الأشخاص الذين يحصلون على وجبات مطبوخة يومية بنسبة 35%.
وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يوم الخميس، إن الانخفاض الحاد في الوجبات المطبوخة يرجع جزئيا إلى أوامر الإخلاء المتعددة من قبل الجيش الإسرائيلي التي أجبرت ما لا يقل عن 70 من 130 مطبخا على تعليق عملياتها أو نقلها.
وأضاف دوجاريك أن شركاء الأمم المتحدة في المجال الإنساني يفتقرون أيضا إلى الإمدادات الغذائية الكافية لتلبية الاحتياجات للشهر الثاني على التوالي في وسط وجنوب غزة، وقال إن النقص الحاد في الإمدادات في غزة ينبع من الأعمال العدائية وانعدام الأمن وتضرر الطرق والعقبات الإسرائيلية والقيود المفروضة على الوصول.
وعلى صعيد الوضع الإنساني في شمال قطاع غزة، مازالت المجاعة تفتك بسكان الشمال في ظل انعدام تام لمقومات الحياة الأساسية من الأغذية والخضار والأدوية واللحوم، وما يصل إلى تلك المناطق لا يكفي إلا عددا محدود جدا.