شبكة وتر- من المقرر ان يلقي الرئيس أبو مازن خطابه السنوي امام الهيئة العامة للأمم المتحدة في السادس والعشرين من شهر أيلول الجاري. وبعده بيوم او يومين يلقي نتانياهو خطابه المشابه على نفس المنصة .
الاثنان لهما خبرة على نفس المنصة تقارب العشرين عاما . ولكن العالم كله تغير والشرق الأوسط تغير والحرب نشبت كالنار في عباءات البلاد حتى ان مدنا عمرها الاف السنين مسحت عن الخارطة .
لا احد من المحللين السياسيين يتوقع ان يقوم أي منهما بأي تغيير في اتجاهات الخطابة. الرئيس الفلسطيني سوف يحمل الاحتلال مسؤولية كل ما حدث، ولسوف يدعو العالم وعلى رأسه أمريكا بقول كلمة حق استنادا للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية .
اما نتانياهو فهو الأكثر تشنجا ودغمائية، ويسيطر عليه كابوس ايران يأكل رأسه. ولسوف يعيد ويزيد في كيل اللائمة على ايران وكأن الاحتلال غير موجود وكأن إسرائيل لم ترتكب اية جرائم .
وللمرة العشرين مثل كل عام سوف يكرر نتانياهو نفس الكلام ويغرق إسرائيل في نفس الأوهام: التطبيع والسلام المجاني والديانة الجديدة التي اخترعها ترامب (افراهام شالوم). ولا استبعد ان يستخدم خطابه لغرض الدعاية الانتخابية الامريكية للتأثير على نتائج التصويت .
العالم كله سوف يستمع الى الخطابات بعين النقد والتقييم. وفي كل عام كان مستقبل الشعبين يعتمد على خطابهما، لكن هذه المرة سيكون مصيرهما السياسي يعتمد على هذا الخطاب .
القيادة رؤية وليست سلوك مجرد. ان من يملك الرؤية لتدوير الزوايا وإيجاد حلول للازمات هو قائد، وان من يعيد انتاجها وتكرارها هو الذي سيخرج من التاريخ خالي الوفاض كما خرج غيره .
نتانياهو لا يملك رؤية ولا خطة سياسية ولا امنية ولا عسكرية، وخطواته القادمة متوقعة وهي ان يعمل على تحويل الحرب الى مشروعه الخاص. وفي حال إسرائيل تحت حكمه فان العربة قد سبقت الحصان وهي مسألة وقت حتى تنقلب الى أعماق الوادي السحيق .
وفي حالة أبو مازن فان الامر يختلف. فلسطين قضية عادلة وهي قضية كل الشرفاء في العالم، الشعوب العربية وقوى الحرية في كل البلدان وحتى يهود أمريكا وطلبة الجامعات الذين تظاهروا لمدة عام لأجل غزة يجب ان نشملهم بالتحية والشكر .
وليس مطلوب من الرئيس أبو مازن هذه المرة أيضا ان يشرح للعالم ماذا حدث لنا وكيف دمروا المدن فوق رؤوسنا واغتصبوا الاسرى واحرقوا القرى، لان كل سكان الأرض شاهدوا ذلك على البث المباشر .
بل ان عليه ان يعلن تفاصيل خطة الإنقاذ ووقف الحرب، وإعادة الاعمار ويعلن للعالم كيف سيبدأ تنفيذها. وان هذه المسؤولية تشمل جميع المستشارين في مكتبه، وجميع الأصدقاء وزعماء العرب الذين يجب ان يستشيرهم ليكونوا معه في نفس الواجب. فلا يعقل هذه المرة أيضا ان نستمع الى 22 خطاب للزعماء العرب، وكل زعيم يتحدث لوحده عن إنجازاته في السيطرة على شعبه وكأننا نشاهد الكاميرا الخفية! بينما شعب كامل يموت وامة كاملة تحترق .