شبكة وتر-أصبح الشتاء ضيفا ثقيلا على النازحين قسراً في خيام مهترئة في مواصي رفح وخان يونس جنوب القطاع، وعلى شاطئ البحر الذي لا يرحمهم مده ويقتحم عليهم خيامهم.
تعالت صرخات النازحين في ساعة متأخرة من ليلة أمس عندما هطلت زخات المطر على خيامهم وهم نيام واقتحمها كالضيف الذي جاء بغير ميعاد ودون استئذان.
بدا النازح أحمد خليفة (46 عاما) حزينا وهو ينظر إلى أطفاله وهم يرتجفون من شدة البرد ولا يجدون ملابس يرتدونها بعد أن بللتها مياه الأمطار، إضافة إلى أغطيتهم.
ويقول، إنه وأطفاله كانوا نياما، وعند منتصف الليل أخذت مياه الأمطار تتقاطر عليهم من كل نواحي خيمتهم التي لم تكن مجهزة لمثل هذه الكمية من الأمطار، وهو يعلم ذلك لكنه لا يمتلك ثمنا لتقويتها وحمايتها من تسلل مياه الأمطار.
ويضيف، أن هذه هي المرة الثالثة خلال هذا الأسبوع الذي تتكرر معاناته دون أن يتمكن من إعادة ترميم خيمته أو الحصول على خيمة بديلة.
بعد ليلة شتوية طويلة على النازحين، استهل خليفة يومه منذ ساعات الصباح الباكر بعمل مصدات من الرمال يزيد ارتفاعها على المترين لمنع وصول مياه الأمطار إلى خيمته في الوقت الذي تنتظر زوجته سطوع الشمس، لتعرض ملابس أطفالها الثمانية والأثاث خارج الخيمة لتجفيفها مما أصابها من مياه الأمطار.
يبقى النازحون على شاطئ البحر الأكثر تضررا بفعل ارتفاع أمواج البحر، ووصولها إلى داخل خيامهم، وهذا ما أكده النازح من مشروع رفح محمد الزاملي (27 عاما)، من أن عناية الله وحدها حالت دون غرق ابنه الوحيد بعد أن سحبته مياه البحر.
ولفت الزاملي إلى أن النازحين على شاطئ البحر أطلقوا عشرات النداءات لإنقاذهم من الوضع الصعب الذي اضطروا إلى العيش فيه.
وأضاف: لا أملك ثمن شراء رغيف خبز لطفلتي وزوجتي في ظل ارتفاع الأسعار، والظروف الاقتصادية الصعبة، وانعكاسات الحرب على النازحين وفقدانهم لكل ممتلكاتهم وما لديهم من نقود على مدار أكثر من عام.
يراقب علي منصور (64 عاما) أمام خيمته أبناءه وهم يجمعون الأواني التي وضعوها في منتصف الليل لعلها تمنع وصول مياه الأمطار إلى فراشهم.
ولفت منصور إلى أن ما يغطي خيمته التي تؤوي أسرتين قطعة قماش وبعض من النايلون الذي أتلفته درجات الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف، إذ إنه لم يتوقع أن يأتي موسم الشتاء وتبقى خيمته على حالها.
وأضاف: كنت أنتظر استلام شادر جديد من وكالة الغوث إلا أنني تفاجأت قبل أسبوعين بتوقف التوزيع بحجة عدم توفر كمية كافية، الأمر الذي سيفاقم معاناتي.
وتشير تقديرات محلية، إلى أن عدد الخيام المهترئة والتي دمرتها الرياح وأمواج البحر أكثر من 100 ألف.
يُذكر أن معاناة النازحين تضاعفت في مواصي خان يونس مؤخرا، نتيجة غرق الخيام وتحطمها بسبب سقوط الأمطار الغزيرة واشتداد الرياح، وصعوبة الحصول على شوادر أو نايلون لإصلاحها لارتفاع أسعارها.
وأغرقت مياه البحر قبل أيام، خيام النازحين المهترئة المقامة على الشاطئ منذ أكثر من سبعة أشهر مضت على اجتياح رفح البري، فأغرقت أثاث المواطنين وكادت تودي بحياتهم من شدة تدافعها.
وناشد النازحون الصليب الأحمر وكل المؤسسات الدولية النظر إليهم بعين الشفقة وتوفير خيام ومكان أكثر ملاءمة لهم من شاطئ البحر الذي كاد يبتلعهم.
وبلغ عدد النازحين داخل القطاع منذ بدء الحرب مليوني شخص من أصل 2.3 مليون إجمالي عدد السكان قبل الحرب.
ويضطر المواطنون خلال نزوحهم إلى اللجوء إلى المدارس أو إلى منازل أقربائهم أو معارفهم، والبعض يقيم خياما في الشوارع والمدارس أو حتى الملاعب والساحات، في ظل ظروف إنسانية صعبة إذ لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.
وأسفرت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة على القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، عن أكثر من 145 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، مجازرها بغزة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.