موسم السبع ثلجات ..

  أبدأ من فصل الخريف في ذلك الموسم، حيث كانت الامطار شحيحة، وتركزت المنخفضات والعواصف في شهري أكتوبر ونوفمبر في أوروبا، وكانت درجات الحرارة في شرق المتوسط عالية، وكميات الامطار دون معدلها العام، وفي اخر يوم من نوفمبر/ تشرين ثاني تشكل منخفض جوي خجول كسر حاجز الجفاف في فلسطين والاردن، وهطلت أمطار متفرقة استمرت طوال اول يومين في شهر كانون اول/ ديسمبر من العام 1991.   وانحبست الامطار من جديد لعشرة ايام، وحين اقتربت فترة منتصف الشهر تشكل منخفض ماطر اخر ترافق بزخات غزيرة، وتوقفت الامطار من جديد حتى نهاية الشهر، وسادت اجواء مستقرة على غير العادة، واشتكى الناس قلة الأمطار وخاصة المزارعين واصحاب الاراضي.   جاءت السنة الجديدة، وكان الجميع يتابعون احتفالات عيد الميلاد عبر شاشات التلفزة المحلية البسيطة في 1/1/1992، وبشكل ٍ مفاجئ بدأت الثلوج بالتساقط في جبال فلسطين مساء ً، وهبت في اليوم التالي عاصفة ثلجية وتراكمت الثلوج وانقلب توازن النظام الجوي.   ما حدث بعد 1/1/1992، هو تمركز مرتفع جوي قوي فوق منطقة البحر الادرياتيكي جنوب اوروبا وفي عموم مناطق وسط أوروبا، ولفترات طويلة بقي المرتفع الجوي محافظا ً على مكانه، ما اجبر الهواء القطبي والكتل الباردة جدا ً بالتزحزح نحو شرق اوروبا ثم الى تركيا وشرق البحر الابيض المتوسط، وتشكل منخفض جوي علوي فوق المنطقة تميز ببرودته الشديدة ما ساعد على نمو منخفضات جوية متلاحقة مصحوبة بجبهات عديدة.   المنخفضات التي تشكلت في بحر ايجه وفي جزيرة قبرص كانت قوية جدا ً بفعل التدفق المستمر للرياح القطبية، واثرت هذه المنخفضات بشكل ٍ متواصل على شرق البحر الابيض المتوسط وتميزت بجبهاتها القوية المتعددة والفترات الزمنية طويلة التأثير،  وتساقطت الثلوج سبعة مرات خلال اشهر كانون ثاني، شباط وآذار في اجزاء واسعة من فلسطين والاردن، ووصلت الثلوج سواحل يافا وحيفا وتراكمت قرب مياه البحر. كما وتساقطت في مدن طولكرم وقلقيلية وجنين وطوباس في شمال الضفة.   موسم 1991-1992 كان تاريخي، حيث وصلت درجات الحرارة الى 10 تحت الصفر في بعض المناطق العالية، وتراكمت الثلوج لأكثر من متر لفترات زمنية طويلة، وبلغت كميات الامطار اكثر من 1800 ملم في بعض المناطق الشمالية، وحوالي 1000-1500 ملم في مدن الضفة وكميات كبيرة في غزة.   علي عبندة، الراصد الجوي الاردني كان معروفا ً آنذاك في فلسطين والاردن، وكان يتابع الجميع نشراته الجوية، حيث كانت احدى العواصف شديدة بما يكفي ليقول عبر التلفزيون الاردني " تسقط الثلوج فوق الجبال التي تزيد على 600 متر وتتراكم، وفي ساعات المساء والليل تعبر البلاد جبهة هوائية جديدة قطبية المنشأ شديدة البرودة، بحيث تسقط الثلوج فوق كافة المناطق وتتراكم فوق 400 متر، ويكون الطقس شديد البرودة " ..   انهارت شبكات الكهرباء وانقطع التيار لفترات طويلة عن مناطق واسعة من المدن التي وصلتها آنذاك الكهرباء القطرية، وتقطعت السبل بالناس وجُرفت الطرق، وتضرر الموسم الزراعي بشكل كبير بسبب الصقيع والثلوج، الا ان فصل الربيع الذي تبع الموسم كان مميزا ً.