قرار الاحتلال "حظر الأونروا" يُنذر بتداعيات كارثية على اللاجئين في القدس المحتلة
شبكة وتر-بات عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في القدس المحتلة مهددين بفقدان خدمات التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات التي تقدمها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، مع دخول قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحظر أنشطة الوكالة حيز التنفيذ يوم غد الخميس.
ففي 28 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أقرت "الكنيست" الإسرائيلية قانونين يستهدفان عمل "الأونروا"، إذ يحظر الأول نشاط الوكالة داخل "المناطق الخاضعة للسيادة الإسرائيلية"، بما يشمل تشغيل المكاتب التمثيلية وتقديم الخدمات، فيما يحظر القانون الآخر أي اتصال مع الوكالة، وصدّقت عليهما حكومة الاحتلال، على أن يدخلا حيز التنفيذ بعد 90 يوما، إذ تنتهي المهلة غدا.
وإلى جانب التداعيات السياسية والقانونية لقرار الاحتلال حظر عمل "الأونروا"، في إطار استهدافه الممنهج لقضية اللاجئين وحقوقهم غير القابلة للتصرف في العودة أو التعويض، فإن للحظر تداعيات إنسانية كارثية على اللاجئين، خاصة في القدس المحتلة.
وتقدم "الأونروا" خدماتها لأكثر من 110 آلاف لاجئ في القدس، ويتبع للوكالة الأممية مخيمان للاجئين هما: مخيم شعفاط شرق المدينة الذي تأسس عام 1965 ويقطنه نحو 16500 لاجئ مسجّل، ومخيم قلنديا شمال المدينة الذي تأسس عام 1949، ويقطنه نحو 16400 لاجئ مسجّل، وفقا لبيانات موقع "الأونروا" الإلكتروني.
كما يدرس نحو 1800 طالب وطالبة على مقاعد 6 مدارس تتبع للـ"أونروا" في المدينة المقدسة، بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من اللاجئين المسجّلين يتلقون الخدمات الطبية المجانية في المركز الصحي "عيادة الزاوية" في البلدة القديمة بالقدس.
مدير المركز الصحي حمزة جبريني يقول لـ"وفا"، إنه يدير أقدم مركز صحي للوكالة وقد افتُتح منذ بداية عملها في عام 1949، ويقدم خدمات لسكان البادية والقرى المجاورة، بما فيها القرى الواقعة خلف جدار الفصل والتوسع العنصري أيضا، موضحا أن 30 ألف لاجئ مسجّلين يستفيدون من خدمات المركز الصحية، علما أن هذه الخدمات تراجعت عقب بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، وإجراءات الاحتلال العسكرية التي حالت دون وصول الكثيرين إلى البلدة القديمة في القدس.
ويضيف، أن المركز سيتوقف عن العمل إلى حين تلقي التعليمات من إدارة الوكالة، مشيرا إلى أن قرار الحظر يلفه الغموض بشكل كبير.
ويوضح جبريني أنه يعمل مديرا للمركز منذ سنتين، ولكنه يعمل في قطاع الصحة منذ 11 عاما، "ومنذ صدور هذه القرارات، نعيش تحت ضغط كبير وتوتر وقلق، وحتى الآن لم نُخلِ المقر ونحاول مواصلة العمل حتى يمنعنا الاحتلال من ذلك".
ويقدم المركز، خدمات رعاية صحية أولية للأطفال حتى سن 3 سنوات، وللأطفال والنساء الحوامل، وخدمات تنظيم الأسرة بأقسامها، والصحة النفسية، والأمراض المزمنة مثل: الضغط والسكري، وقسم للطوارئ، وطب الأسنان.
ويشير مدير المركز، إلى أن خدمات تنظيم الأسرة وتطعيمات الأطفال والصحة النفسية تقدم للاجئين وغير اللاجئين أيضا.
وفي مخيم شعفاط للاجئين شرق القدس المحتلة، لا يخفي اللاجئون خشيتهم من تأثير قرار الاحتلال بحظر عمل "الأونروا" في الخدمات التي يتلقونها من الوكالة.
اللاجئ خضر الدبس يقول إن "الأونروا" أنشئت لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى ديارهم التي هُجّروا منها، لاحقا لقرار أممي حظي بإجماع واسع، واليوم الاحتلال الذي هجّر شعبنا الفلسطيني يريد إنهاء عمل الوكالة، وبسبب هذا القرار الجائر سيتأثر كل السكان في مخيم شعفاط والمناطق المحيطة في حال إغلاق مؤسسات التعليم أو الصحة أو صحة البيئة التابعة للوكالة.
ويضيف أن اللاجئين لا حول لهم ولا قوة، إذ يتلقى عدد ممن يعانون أمراضا مزمنة بالمخيم، العلاج المجاني في عيادات الوكالة، ولا نعلم مصير هؤلاء المرضى والأطفال وكل من يتلقى خدمات الوكالة في المخيم خلال الشهر المقبل.
ويتابع الدبس أن كل بادية القدس تتلقى خدمات صحية بمخيم شعفاط، إضافة إلى طلبة المناطق المحيطة من اللاجئين الذين يدرسون في مدارس الوكالة، وكلهم باتوا مهددين بفقدان خدمات التعليم والصحة في منتصف العام الدراسي وفي ظل موسم الشتاء.
ويوضح أن القرار العنصري الإسرائيلي بحق "الأونروا" يهدف إلى تدمير كل من يقدم خدمة للشعب الفلسطيني في القدس، من أجل دفع المقدسيين إلى التعامل مع مؤسسات الاحتلال، وإخفاء وكالة الغوث الشاهدة على جرائم الاحتلال إبان التهجير والنكبة.
وبدأت "الأونروا" بإخلاء مقرها الرئيس الخاص بإقليم الضفة الغربية في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، قبل دخول قرار الاحتلال حظر عملها حيز التنفيذ، في حين يواجه موظفوها مصيرا مجهولا.
المتحدثة باسم الأونروا للإعلام العربي إيناس حمدان، تقول لـ"وفا": "ليس لدينا أي توقعات عن الوضع القادم في القدس، ولكن رسالتنا أننا سنبقى ونواصل تقديم الخدمات إلى حين استحالة ذلك".
وتوضح أن نحو 70 ألف شخص يستفيدون من عيادات "الأونروا" الصحية في القدس، وأكثر من ألف طالب وطالبة يدرسون في مدارس الوكالة في المدينة، إضافة إلى خدمات صحة البيئة كجمع النفايات وغيرها، وفي حال تطبيق القرار ستتأثر كل هذه الخدمات.
وتضيف: يوجد نحو 700 موظف صحي في "الأونروا"، إذ تقدم الوكالة الرعاية الصحية الحيوية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ولديها رعاية أولية شاملة في 43 عيادة ومستشفى، وقد قدمت أكثر من 776 ألف استشارة صحية، وسجلت مستشفياتها 6778 حالة دخول إلى المستشفى في عام 2024